الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٩٠
بدأ هذا المفهوم يتبلور في صور اصطلاحية في عصر التدوين، وفي ضوء علم الحديث الذي بدأت قضية الجرح والتعديل فيه تقف عند رواة الأخبار. وهو عصر متأخر عن جيل الصحابة. وكانت له دوافع معينة اقتضتها عمليات الجرح والتعديل. وهي تنزيه الصحابة عن كل تجريح والأخذ بعد التهم مطلقا. وسبق الأخذ بعدالتهم، كلام عن تعريفهم، بشكل يبرر مذهب المحدثين، ويضفي عليهم مسحة اصطلاحية معينة. فالصحبة كمصطلح شرعي هو من وضع المتأخرين من رجال الحديث.
كما أن مفهوم الصحبة يختلف معه مبنى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وسيرة الصحابة، ومبنى المحدثين المتأخرين. ولتوضيح ذلك، نرى من الأجدر التطرق إلى مفهوم الصحابي من هذه الزوايا المتفرقة.
تعريف الصحابي وعدالته عند المتأخرين، والرد عليهم عرف المتأخرون الصحابي تعريفا مناقضا لروح الشريعة الإسلامية، ومنافيا للبناء العقلائي. فهم من جهة اعتبروا الصحابي هو كل من رأى الرسول (ص)، سواء أكان كبيرا أم طفلا صغيرا. بل حتى من لم يره من العمي لتعذر الرؤية عليهم. بل ويعد صحابيا من رآه الرسول (ص) ولو عن بعد، سواء جالسه أم لم يجالسه، غزا معه أو لم يغز. وعلى ذلك استقر رأي الجمهور.
يقول في ذلك بن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة:
" الصحابي من لقي النبي (ص) مؤمنا به، ومات على الإسلام فيدخل في من لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز. ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى ".
ويتبين من خلال هذا التعريف، انحراف بالمفهوم من إطاره اللغوي الظاهر إلى دائرة الاصطلاح، وهذا ما جعل بن حجر العسقلاني يقول: " إن اسم صحبة النبي (ص) مستحق لمن صحبه أقل ما يطلق على اسم صحبة لغة وإن كان العرف يخص ذلك ببعض الملازمة ".
وطبيعي، إن هذا التحديد يخالفه العقلاء من حيث كونه متجاوزا للغة
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235