أنتم بشر ممن خلق " أي لكم أسوة بأمثالكم من بني آدم وهو سبحانه الحاكم في جميع عباده. فعال لما يريد لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.
وقال تعالى: * (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا. قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون. فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا. وإن تولوا فإنما هم في شقاق " (1) وقبل هذه الآيات بين تعالى أن الدين الحق الذي كان عليه أولاد إبراهيم من إسماعيل وإسحاق ويعقوب وأولاده، كان هو الإسلام الذي كان عليه إبراهيم حنيفا، ويستنتج من ذلك أن أهل الكتاب على عهد البعثة الخاتمة، كانوا قد انتهى بهم المطاف إلى أرضية الاختلافات والانشعابات. التي أفرزتها اختراعاتهم وهوساتهم. بعد أن صبغوا دين الله بصبغة الأهواء والأغراض والمطامع، وروي أن اليهودي عبد الله بن صوريا قال للرسول (ص): ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا يا محمد تهتد. وقالت النصارى مثل ذلك (2). فقال الله لرسوله * (قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) * أي: قل بل نتبع ملة إبراهيم حنيفا. فإنها الملة الواحدة التي كان عليها جميع أنبيائكم. وما كان صاحب هذه الملة وهو إبراهيم من المشركين.
ثم ذكر لهم أن الدعوة الخاتمة تؤمن بالله وما أنزل إليها وهو القرآن وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، ثم ذكر ما أوتي موسى وعيسى وخصهما بالذكر لأن المخاطبة مع اليهود