الأحبار، ووقف الحي النصراني داخل دائرة حددها بولس لخدمة أصحاب الدائرة الأولى، فالثقافة التي تخرج من مدونات خدمة النصارى لليهود تقول بأن اليهود والنصارى أبناء الله وأحباؤه، أما الثقافة التي يقول كل منهم أن الآخر ليس على شئ، فهي نتيجة لحجة البعثة الخاتمة ومواجهتها للأطراف مجتمعين، فالدعوة الخاتمة أرشدتهم إلى الحق ليتفكروا ويتدبروا، وبدلا من أن يرجعوا إلى كتبهم التي لا تخلو من حق ويعرضونها على منهج البعثة الخاتمة، إنطلقوا من التفسير الشفهي وهذا التفسير لا يقيم حقا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لأنه مقابلة للفاسد بالفاسد.
وفي مجال عمل كل حي منفردا عن الآخر. قام كل منهما بوضع جميع الأنبياء داخل الحي الخاص به، ورد القرآن عليهم قولهم، قال تعالى: * (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله، ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون) * (1)، والمعنى: قال كل من الفريقين إن إبراهيم ومن ذكر بعده منهم، فقال تعالى: * (قل أأنتم أعلم أم الله) *، أي فإن الله أخبرنا وأخبركم في الكتاب أن موسى وعيسى وكتابهما بعد إبراهيم. فإذا كان تشريع اليهودية أو النصرانية بعد إبراهيم ومن ذكر معه، فكيف يكون إبراهيم والذين ذكروا معه هودا أو نصارى؟
وقال تعالى: * (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون، ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون، ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين، إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا