ولو كره الكافرون. هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) * (1).
وبعد رفع المسيح عليه السلام. لم يعرف إلا النزر اليسير عن تلاميذه، وكان عليه السلام قد أخبرهم بأنهم سيضطهدون ويقتلون، وفي هذه الآونة ظهر بولس على الساحة، وكان من أشد الناس على الدعوة، وكان يعمل بكل ما في وسعه لاعتقال المؤمنين بها، وبولس ينتمي إلى طائفة الفريسيين. وهي طائفة تقوم ثقافتها على التفسير الشفهي للناموس (التلمود). وقد حذر المسيح عليه السلام تلاميذه من تعاليم هذه الطائفة، ودخل بولس إلى النصرانية بحجة أنه رأى المسيح على طريق دمشق، وأن المسيح عينه تلميذا له، وعندما ذهب بولس إلى أورشاليم اتجه نحو التلاميذ لينال منهم شرعية الدعوة أمام الجموع، وجاء في سفر أعمال الرسل " أنه حاول أن ينضم إلى التلاميذ. فخافوا منه. إذ لم يصدقوا أنه صار تلميذ " (2)، ولكن بولس مارس الدعوة بما له من ذكاء.
وما له من جاه. عند شيوخ اليهود وملوك وحكام الأقاليم، وبدأ بولس في تنفيذ برنامجه. فألغى الشريعة داخل الحي النصراني. وشكك في أحقية إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام في الميراث، وعلى هذا الأصل صد عن سبيل النبي الخاتم وبشاراته في التوراة والإنجيل، ثم توجه بقافلته نحو الأمم، وهو ما لم يفعله المسيح عليه السلام، ودخول بولس بدعوته إلى ساحة الأمم يعطي: كره لتعاليم المسيح أولا، وإنشاء قاعدة تكون في خدمة أهدافه القريبة وأهداف اليهود البعيدة ثانيا، والصد عن سبيل الدعوة الخاتمة ثالثا، وذلك لأن المسيح لم يتقدم إلى الساحة الأممية لأن منهجه يخاطب بني إسرائيل، وكان