ثانيا - (الدعوة إلى اتباع قبلة الرسالة الخاتمة):
عندما بعث النبي الخاتم (ص)، كان الاختلاف بين اليهود على تحديد القبلة اختلاف ثابتا لا شك فيه، ونسيانهم للجبل المقدس الذي يجب أن يتوجهوا إليه. نسيان مسطور فيما بين أيديهم من كتاب، قال أشعيا وهو يحذرهم بأن الرب قال لهم " أما أنتم الذين تركوا الرب ونسوا جبل قدسي فإني أعينكم للسيف " (1). وهذا النسيان ترى معالمه على التوراتين: السامرية والعبرية، فبينما تقول التوراة السامرية أن القبلة في اتجاه جبل " جرزيم "، تقول التوراة العبرانية إنها في اتجاه جبل " عيبال "، والمسيح عليه السلام شهد بوجود هذا الاختلاف في عهد بعثته، وبشرهم بأن العبادة لن تكون في المستقبل لا في اتجاه هذا الجبل ولا في اتجاه أورشاليم، وذلك لأن الله سينزع من أيديهم القيادة ويسلمها إلى شعب آخر (2). وما ذكره المسيح عليه السلام بخصوص القبلة، جاء عندما كان متوجها إلى أورشاليم، فقالت له امرأة سامرية " يا سيدي أرى إنك نبي، آباؤنا سجدوا في هذا الجبل، وأنتم تقولون أن في أورشاليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه، فأجابها يسوع: صدقيني يا امرأة ستأتي الساعة التي فيها تعبدون الآب لا في هذا الجبل ولا في أورشاليم " (3). وقبل البعثة الخاتمة. لم يكن في أورشاليم هيكلا. بعد أن دمر الإمبراطور تيطس آخر هيكل عام 75 ميلادية، ولم يكن في أورشاليم حاخامية لليهود. بعد أن ألغى الإمبراطور ثيودوسيوس الحاخامية عام 435 ميلادية وترتب على ذلك تفرق اليهود في الأرض.
ولما كانت الدعوة الإلهية المتوجهة إلى بني إسرائيل قد نزل