داود فحاول أن يمنع ذلك جهد المستطاع. ومن أجل ذلك حاول مرة أن يقتل داود بالحربة (1 صم 18: 10 و 11) وذا فشل في هذه المحاولة، حط من مكانة داود الحربية ومن سلطته (1 صم 18: 13). وقد أعطى ابنته التي وعد أن يزوجها لداود، زوجة لآخر (1 صم 18: 17 - 19). وقد حاول أن ينصب من محبته لميكال فخا له لقتله (1 صم 18: 20 - 27) وكلما ازدادت شهرة داود كلما خاف شاول على ملكه منه ولم يخف قصده في قتله (1 صم 18: 29 و 30 و 19: 1) ولم يتخل أتباع شاول قط عن السعي في تنفيذ هذا القصد (1 صم 24: 9 وعنوان مز 7) ومع أن عداوته لداود أخمدت بعض الوقت إلا أن غيرته ثارت من جديد وحاول أن يضربه بالحربة (1 صم 19: 4 - 9) ثم أراد فيما بعد أن يقبض على داود لولا أنه هرب بحيلة دبرتها ميكال (1 صم 19: 10 - 17) وقد كتب داود مز 59 في ذلك الحين. ثم هرب إلى صموئيل في الرامة حيث أرسل شاول رسلا للقبض عليه (1 صم 19: 18 - 24) ومن بعد ذلك هرب داود إلى يوناثان الذي بعد أن تحرى الموقف أخبره أنه لا أمان له ما دام يظل باقيا في بلاط شاول (1 صم ص 20).
(3) داود البطل الطريد: هذه الظروف القاسية التي حلت بداود أظهرته بمظهر من فقد ثقته بالله أو كاد، وأغرقته في بحر من اليأس والقنوط.
فهرب من شاول وجاء إلى نوب وكان إيمانه قد بلغ من الضعف أقصاه فلم ينطق بالصدق (1 صم 21: 1 - 9) ومن هناك أسرع إلى جت وطلب حماية أخيش ملكها عدو شاول (1 صم 21: 10) ولكن أقطاب الفلسطينيين لم يطمئنوا إلى وجود من هزمهم وأضاع هيبتهم في وسطهم فألقوا القبض عليه (1 صم 21: 14 وعنوان مز 56) غير أنه تظاهر بالجنون فطرده (قارن عنوان مز 34، ومن المرجح جدا أن أبيمالك هو نفس أخيش أو أنه لقب لقب به أخيش) ثم استعاد داود إيمانه بالله (مز 34) ورجع إلى يهوذا وأقام في مغارة عدلام (1 صم 22: 1) ولكنه أخذ أبويه ليقيما في موآب (1 صم 22: 3 و 4) واجتمعت إليه جماعة متعددة الأغراض متضاربة المشارب فمنهم من لا عمل له، ومنهم اليائس وغير هؤلاء ممن بلغ عددهم أربعمائة في البداية ثم ازدادوا إلى ستمائة. وكان أبياثار من ضمن هؤلاء - وهو الكاهن الذي بقي من بين كهنة نوب. جاء ومعه الأفود. وكذلك النبي جاد الذي يرجح أن داود التقى به في الرامة (1 صم 22: 5 و 20 و 23: 6) ولذا توفرت لداود في ذلك الحين المعونة الدينية. ثم ذهب من عدلام إلى قعيلة وخلص البلدة من أيدي الفلسطينيين (1 صم 23: 1 - 5) وإذ تهيأ شاول لمهاجمته هرب إلى برية يهوذا (1 صم 23: 14 ومز 63) حيث طارده شاول بعد ما جاء إليه الزيفيون وأخبروه أن داود مختبئ عندهم غير أن شاول اضطر أن يتوقف عن المطاردة عندما علم أن الفلسطينيين قد اقتحموا البلاد (1 صم 23: 14 - 29) وبعد ما رجع شاول من متابعة الفلسطينيين عاود مطاردته لداود فذهب إلى عين جدي إذ علم أن داود مختبئ هناك. ولكنه كاد يقع في قبضة داود لولا أنه عفا عنه وأنقذ حياته (1 صم 24 ومز 57 و 142). ثم عمل على حماية أملاك قومه من الناهبين (1 صم 23: 1 و 25: 16 و 21 و 27: 8). وقد انتظر داود أن يرد له بعض جميله فيقدم الطعام لرجاله فإنه لم يطلب ضريبة ولم يطلب مؤنا له ولرجاله في دفاعهم عن تلك الممتلكات غير أن نابال رفض طلبه بسخرية واحتقار فأثار هذا غيظ داود ولم ينقذ نابال من أن يسفك دمه سوى حكمة زوجته (1 صم ص 25) التي أخذها داود زوجة له بعد موت نابال.