قاد بها الله الشعب، ثم تكرارا لبعض أجزاء الشريعة، وإبراز النواحي الروحية والدينية فيها، والظروف المستخدمة التي ستطبق فيها هذه الأحكام. وقد ألقى موسى هذه العظات للشعب وكتبها وسلمها إلى اللاويين ليحتفظوا بها في عودتهم (تث 31: 9 و 24 - 26). هذا هو الدليل الداخلي في الأسفار ذاتها التي تشير إلى أن موسى كاتبها.
وهناك أدلة أخرى غير هذا الدليل الداخلي، فإن بقية أسفار العهد القديم تشير إلى أن موسى هو كاتب الشريعة (يشوع 1: 7 و 8 وعزرا 6: 18 ونحميا 8: 1 و 18). وكذلك توجد نصوص كثيرة في العهد القديم فيها إشارات واضحة صريحة إلى " شريعة موسى " (يشوع 8: 31 - 35 وقض 3: 4 و 1 ملوك 2: 3 و 2 ملوك 8: 6 و 12 و 21: 7 و 8 ودانيال 9: 11 و 13 وعزرا 3: 2 و 7: 6 وملا 4: 4).
ثم إننا نجد في العهد الجديد إشارات كثيرة إلى أن موسى هو كاتب الأسفار الخمسة. فهذا هو رأي علماء اليهود وقادتهم في زمن السيد المسيح (مر 12:
19 ويو 8: 5). وقد أشار السيد المسيح والبشيرون إلى هذه الأسفار الخمسة وإلى أن كاتبها هو موسى (مر 12: 26 ولو 16: 29 و 24: 27 و 44).
فيقولون " جاء في موسى " أو " كتاب موسى " ثم يشيرون أيضا إلى أن موسى أعطاها أو جاءت على يديه أو أنه كاتبها (مر 10: 5 و 12: 19 ويو 1: 17 و 5: 46 و 47 و 7: 19).
وقد زعم بعضهم أن هناك عبارات يصعب صدورها عن موسى، إلا أننا عند درس هذه العبارات لا نجد مشقة البتة في قبول صدورها عن موسى فمثلا القول " وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض " (تك 12:
6) وهي عبارة تاريخية صادقة فإن الكنعانيين كانوا حقا وفعلا في الأرض في زمن إبراهيم. كذلك القول الوارد في (تثنية 1: 1) " في عبر الأردن " فيزعم بعضهم إن هذه العبارة لا تصدر إلا عن كاتب كان في كنعان فعلا. ولكن ألا يعتبر هذا الاسم " عبر الأردن " اسم علم لشرق الأردن بدون أي نظر إلى المكان الذي يوجد فيه الكاتب.
أما عن سجل موت موسى في تثنية 34: 5 - 12 فهل يصعب أن يكون هذا الجزء قد أضيف بعد موت موسى بإرشاد الروح القدس. وهذا لا يعني البتة أن شخصا آخرا غير موسى كتب هذه الأسفار الخمسة.
فكثرة علماء الكتاب المقدس مقتنعون بأن موسى هو كاتب تلك الأسفار، وذلك لأنه عرف شخصيا جانبا عظيما من الحوادث التي جاءت بها، وخاصة ما يتعلق بمصر وأحوال شعبها وحضارتها، مثال ذلك تلميحه إلى طريقة السقي (تث 11: 10) والحرب (تث 20: 5) واستخراج المعادن (تث 8: 9) والقصاص (تث 25: 2) الخ. ولا يقدر أحد أن يقدم البيان الوافي عن رحلة البرية ما لم يكن هو على رأس الراحلين. فضلا عن هذا فإن أسلوب الأسفار الخمسة ولاهوتها وخاصة ما تعلق بالثواب والعقاب في الآخرة، يرجع تاريخها إلى عصر مبكر قبل عصر داود، وقبل السبي. وقد أيدت الحفريات تاريخية الأسفار الخمسة فأثبتت وجود برج بابل وكذلك وجود الحثيين، وكان قد زعم البعض قبل ذلك بعدم وجودهم. وأثبتت الحفريات أيضا ما حدث من انقلاب مدن الدائرة كسدوم وعامورة. وكذلك أيدت الحفريات ما تذكره هذه الأسفار عن حالة الآباء الأولين من حيث أنها توافق ما كان مألوفا ومعروفا في القرن العشرين قبل الميلاد، لا في عصر متأخر عن هذا.
خمسون - يوم الخمسين - عيد الخمسين: هو عيد الأسابيع (خر 34: 22 ولا 23: 15 وتث 16: 9)