مثلا، ولذلك شملت كتاباتهم شيئا من التاريخ ومن علوم الفلك والتنجيم وشملت بعض الخطابات والرسائل والوثائق التجارية.
13) ثروتهم وأخلاقهم: كانت بابل، فضلا عن شهرتها العلمية، مدينة ذات تجارة واسعة برا وبحرا. فكان تجارها يجلبون من البلاد المجاورة لهم، الذهب والعاج والقرمز واللؤلؤ، وهذا كانوا يجلبونه من خليج العجم. وهكذا كثرت ثروتهم وزاد مجدهم وغناهم، فصارت نساؤهم تتزين بجميع أنواع الحلى والمجوهرات، وعاشوا بالتنعم والترفه.
على أن كثرة تنعهم عادت عليهم بالدمار والخراب. وحط التأنق في المعيشة من منزلتهم ماديا وأدبيا. فصارت بناتهم نحيفات ضعيفات البنية.
وأخذ الجهل من البابليين كل مأخذ فأدمنوا شرب المسكرات فزادوا تعجرفا وتكبرا، وكثر الفجور بين سكان هذه المدينة حتى كانت العذارى تباع في الأسواق، والنساء يرتكبن الفحشاء، خالعات العذار، سدا لعوزهن، بعد أن كن على أعظم جانب من الغنى واليسر. وكن يستعملن من ضروب الحيل وأنواع التدليس ما يفوق الوصف لإغراء الرجال، وإيقاعهم في إشراكهن إرواء لميولهن الفاسدة.
14) آلهة بابل واضمحلال مملكتها: كان حكام هذه الدولة من النوع المطلق. وديانتها وثنية كما سبق، ومن آلهتهم بيل - ونبو - ومردوخ.
وصنعوا لها أصناما عديدة وشادوا لها هياكل على غاية من الفخامة كهيكل بيل وبرج نمرود وغيرهما من الهياكل المزخرفة التي أغاظوا بها الله تعالى. فغضب عليهم وسلمهم إلى أيدي غيرهم من الأمم الذين تغلبوا عليهم ودمروا بلادهم وسبوا عيالهم.
وحالتها الحاضرة مطابقة لما قاله الله بفم أنبيائه القديسين، إذ يقول: " أمر على مياهها فتنشف أنهرها فيدخلها العدو على حين غفلة ". وقد تم كلامه تعالى في بابل العظيمة حين دخلها كمورش الفارسي في سنة 539 ق. م. وأفنى أهلها وقد أخذت الخمرة منهم كل مأخذ. وذكر هيرودتس أن العدو دخل المدينة وأكثر أهلها غافلون فلم يشعروا بالخطر الآتي عليهم، فنهب الأعداء جميع أمتعتهم وأموالهم إذ لم تكن لهم فرصة أن يخفوا منها شيئا. فجاء ذلك طبقا لما قال إرميا النبي (50: 37) وأرسل سيفا على خزائنها فتنهب. وقد وردت نبوات أخرى بالقضاء على بابل مثل اش 13 و 14: 1 - 23 و 21: 1 - 10 و 46:
1 و 2 و 47: 1 - 3 وإرميا ص 50 وص 51 ورؤ 18:
10 أنظر أيضا تحت كلمات " كلديا " و " نبو " و " نبوخذنصر ".
برج بابل: (تك 11: 4 - 9) بعد نهاية الطوفان شرع نسل نوح في بناء برج بابل في سهل شنعار بغية أن يجمعهم مكان واحد من الأرض فلا يتبددون على وجه البسيطة الواسعة. وكان في قصدهم جعل العالم كله مملكة واحدة عاصمتها هذا المكان الذي اختاروه في أرض شنعار وسمي بابل. وليقيموا لأنفسهم اسما ومجدا دلالة على كبريائهم وتشامخ نفوسهم (تك 11: 4).
ولعدم توفر الحجر استعملوا اللبن أي صبوا الطين في قوالب وأحرقوا القوالب حتى لا تتأثر بالماء.
واستعملوا الحمر بدل الطين والحمر هو المزيج اللزج الذي كان يكثر في بعض هذه البقاع بسبب وجود البترول. والحمر هو القار أو المادة الاسفلتية وعندما تيبس تثبت القوالب.
إلا أن الرب لم يكن في قصده تجمع الناس بعد