وقد استعمل جستن مارتر (الشهيد) كلمة إنجيل عن الكتابات التي تتضمن الشهادة الرسولية ليسوع، في عصر مبكر أو في سنة 150 ميلادية تقريبا. والكلمة العربية للإنجيل، وهي بشارة، تشمل هذا المعنى أيضا أي إنها كتاب رسولي يختص بحياة المسيح على الأرض.
الأناجيل الأربعة القانونية: نسب الكتاب المسيحيون في القرن الثاني الميلادي، الأربعة الأناجيل إلى متى ومرقس ولوقا ويوحنا. وقد تسلمت الكنيسة هذه الكتابات كسجلات يوثق بها وذات سلطان إذ تحتوي على شهادة الرسل عن حياة المسيح وتعاليمه.
وبدأ الكتاب المسيحيون من القرن الثاني الميلادي باقتباس هذه الأناجيل وشرحها وقاموا بعمل ترجمات منها إلى لغات متنوعة كالسريانية والقبطية واللاتينية، ولذا فما من شك في أن هذه الأناجيل سجلات رسولية صحيحة صادقة. وتزيد الرسائل في العهد الجديد صورة حياة المسيح وتعاليمه وأعماله وشخصه كإنسان وآله كما وردت في هذه الأناجيل.
ولكل من الأناجيل الأربعة خاصياته المميزة له التي تفرد بها بسبب غرض الكاتب في كتابته والأشخاص الذين كتب إليهم كما كانت ماثلة في ذهنه. فقد كتب متى من وجهة النظر اليهودية، وهو يقدم لنا يسوع كالمسيا الملك الذي تمت فيه نبوات العهد القديم. ومرقس يكتب للأمم وربما كان يقصد الرومانيين منهم بوجه خاص، وهو يقدم لنا فوق كل شئ قوة المسيح للخلاص كما تظهر في معجزاته.
أما لوقا، وهو يكتب للمثقفين من اليونان، يكتب لهم في لغة بأسلوب أكثر روعة مما كتب غيره من كتبة الأناجيل، ويظهر لنا تأثير الرسول بولس في إبراز نعمة المسيح التي تشمل الساقطين والمنبوذين والفقراء والمساكين بعطفه. أما قصد يوحنا الخاص فهو في أن يظهر يسوع كالكلمة المتجسد الذي يعلن الآب للذين يقبلونه (يو 20: 30 و 31).
ويوجد بين الأناجيل الثلاثة الأولى كثير من التشابه ولكنها تختلف عن إنجيل يوحنا من عدة أوجه.
وبما أن متى ومرقس ولوقا يقدمون حياة المسيح من وجهات نظر متشابهة على وجه العموم لذا فقد أطلق على هذه الأناجيل الثلاثة اسم " الأناجيل المتشابهة " أو Synoptic وهي مأخوذة من كلمة Synopsis اليونانية التي تعني " النظر معا " وهؤلاء يركزون كتاباتهم حول تبشير المسيح ومناداته في الجليل بينما يركز يوحنا إنجيله حول عمل المسيح في اليهودية. ويقدم الثلاثة الأول تعليم المسيح عن الملكوت، وأمثاله وتعليمه للشعب، أما يوحنا فيسجل لنا تعليم المسيح عن نفسه في أحاديث مستفيضة، وتشترك الأناجيل الأربعة في الشئ الكثير بحيث يؤيدون الواحد الآخر، ويختلفون عن بعضهم البعض بحيث يكمل الواحد منهم الآخر ويتممه.
أما المصادر التي استقى منها البشيرون الأربعة المعلومات التي ضمنوها في أناجيلهم فهي مصادر موثوق بها. فقد كان متى ويوحنا رسولين اتبعا يسوع ولذا فمعرفتهما بالحوادث التي سجلاها هي معرفة شخصية. أما مرقس فقد كان رفيقا لبطرس وقد ذكر بياس حوالي سنة 140 ميلادية أن مرقس ضمن في إنجيله ما وعظ به بطرس عن يسوع. ويحقق لنا لوقا نفسه بأنه استقى معلوماته من شهود عيان (لو 1: 1 - 4) ولذا فإننا نجد في الأناجيل شهادة الرسل.
ويظن بعض العلماء أن مرقس هو أول الأناجيل التي دونت، وأن متى ولوقا استخدما على وجه العموم نفس النقاط الرئيسية التي وضعها مرقس. وهناك فريق من النقاد، ويسمون " نقاد الشكل " يؤكدون أن مادة الأناجيل حفظت في أحاديث شفاهية. وقد أشار غير هم من العلماء إلى أساس أرامي يرى في خلال