كانت المركز الديني لبني إسرائيل الذين حافظوا على الناموس الموسوي. ثم كانت أقل تعرضا للهجمات الخارجية وكان أهلها معتادين على الحرب. غير أن السامرة ازدهرت بعدئذ، وربما صارت هياكل البعل وعشتاروت فيها أكثر رونقا من هيكل أورشليم. ومما ساعد المملكة الشمالية على الازدهار كثرة أهاليها وخصب أراضيها.
وتسلسل جميع ملوك يهوذا التسعة عشر من عائلة داود، إلا عثليا ابنة عمري ملك المملكة الشمالية.
غير أن الملك لم يكن دائما لبكر الملك. ودامت مملكة يهودا 135 سنة بعد انهيار مملكة بني إسرائيل وبعد السبي عاد جمع غفير. وقد سمي الذين عادوا من السبي يهوذا، ولم يزالوا معروفين بهذا الاسم إلى أيامنا هذه ودامت هذه المملكة من سنة 975 - 586 م.
أي 389 سنة. واستمرت الحرب بين المملكتين مدة الملوك الثلاثة الأول. ثم انتصر أبيا انتصارا باهرا على يربعام الأول (1 مل 15: 7 و 2 أخبار 13: 13 - 20). وبعد درح من الزمن عقد صلح بين المملكتين المتنازعتين وتحالف آخاب ملك المملكة الشمالية مع يهوشافاط ملك يهوذا (1 مل ص 22 و 2 أخبار ص 18).
فتزوج يهورام بن يهوشافاط بعثليا بنت عمري ملك المملكة الشمالية (2 مل 8: 26). وبعد موت أخزيا حاولت عثليا أن تتبوأ عرش المملكة، فأبادت كل النسل الملكي إلا يوآش الذي أنقذته عمته يهوشبع وأخفته إلى أن فتن الشعب على عثليا، فقتلوها، ثم ملكوا يوآش موضعها (2 مل 11 و 1 - 2). وكانت مصر وسعير عدوين ألدين ليهوذا من الجنوب، وعمون وموآب وآشور وبابل من الشرق. ففي السنة الخامسة عن ملك رحبعام غزا شيشق الذي اغتصب عرش مصر في السنة 945 ق. م. فلسطين، وبحسب الأخبار التي نقشها على هيكل طيبة نجح في افتتاح 156 مدينة وقرية من ضمنها المدن القائمة في سهل فلسطين. فسلب رحبعام ذهب الهيكل وفضته ليؤدي الجزية هذا الفاتح الغريب (2 أخبار 12: 2 - 12). وعندما غزا جيش زارح الكوشي العرمرم يهوذا، هزمه آسا في معركة مريشة (2 أخبار 14: 9 - 13).
وفي أيام يوشيا غزا فرعون نحو فلسطين وهزم يوشيا وقتله في مجدو، الحصن الكنعاني القديم (2 أخبار 2:
22 - 24). وعزل نخو يهوآحاز ابنه وملك ألياقيم أو يهوياقيم موضعه (2 أخبار 36: 1 - 4). وكان يؤدي الجزية لمصر. وفي أثناء ملك يهوياقيم نطق إرميا النبي بمعظم مواعظه. وبخطبه الصريحة انتقد جهالة الملك والشعب وجرائمهم وحاول أن يخلصهم من المصيبة التي رآها وشيكة الوقوع. ولكنه لم يفلح. وبينما كان الكلدانيون يغزون يهوذا مات يهوياقيم وخلفه ابنه الشاب يهوياكين. وفي مدة ملك يهوشافاط زحف عمون وموآب وسعير على اليهودية (2 أخبار 28: 20). وفي ملك حزقيا انهزم جيش سنحاريب وقتل منه 185000 مقاتل (2 أخبار 32: 20 و 21 و 2 مل 19: 35).
وبعد ذلك أخذ رؤساء أشور الملك منسى إلى بابل مقيدا بسلاسل نحاس، غير أنه عندما أحاق به الضيق واستغاث بالرب، رده الرب إلى مملكته (2 أخبار 11 - 13).
وفي السنة 597 ق. م. سقطت أورشليم أمام جيش نبوخذناصر فسبى نبوخذناصر حوالي 40 ألف من اليهود إلى بابل. وكان غرضه من ذلك أن يخلي البلاد من قوادها وكل الذين بإمكانهم أن يضرمو