الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٩٨
"... حينئذ قال من يكتب " يا معلم! إذا سئل تلاميذك عن الطريقة التي يجب بها إظهار التوبة، فماذا يجيبون؟ " أجاب يسوع " إذا أضاع رجل كيسا، أيدير عينيه ليراه أو يده ليأخذه أو لسانه ليسأل فقط؟ كلا ثم كلا!
بل يلتفت بكل جسمه ويستعمل كل قوة في نفسه ليجده، أصحيح هذا؟ "، فأجاب الذي يكتب " إنه لصحيح كل الصحة "، ثم قال يسوع " إن التوبة عكس الحياة الشريرة، لأنه يجب أن تنقلب كل حاسة إلى عكس ما صنعت وهي ترتكب الخطيئة، فيجب النوح عوضا عن المسرة، والبكاء عوضا عن الضحك، والصوم عوضا عن البطر، والسهر عوضا عن النوم، والعمل عوضا عن البطالة، والعفة عوضا عن الشهوة، وليتحول الفضول إلى صلاة، والجشع إلى تصدق... فاعلم إذا أن التوبة يجب أن تفعل أكثر من كل شئ، لمجرد محبة الله، وإلا كانت عبثا، إني أكلمكم بالتمثيل، كل بناء إذا أزيل أساسه، تساقط خرابا، أصحيح هذا؟ "، فأجاب التلاميذ " إنه لصحيح "، فقال حينئذ يسوع " إن أساس خلاصنا هو الله الذي لا خلاص بدونه، فلما أخطأ الإنسان، خسرا أساس خلاصه، لذلك وجب الابتداء بالأساس!
.. إن الشيطان عدو كل صلاح، لنادم شديد الندم لأنه خسر الجنة وربح الجحيم، ومع ذلك لن يجد رحمة، فهل تعلمون لماذا؟ لأنه ليس عنده محبة لله، بل يبغض خالقه. الحق أقول لكم إن كل حيوان مفطور على الحزن لفقد ما يشتهي من الطيبات، لذلك وجب على الخاطئ النادم ندامة صادقة، أن يرغب كل الرغبة في أن يقتص من نفسه لما صنع، عاصيا لخالقه، حتى أنه متى صلى لا يجسر أن يرجو الجنة من الله، أو أن يعتقه من الجحيم، بل أن يسجد لله مضطرب الفكر ويقول في صلاته " انظر يا رب إلى الأثيم الذي أغضبك بدون أدنى سبب، في الوقت الذي كان يجب عليه أن يخدمك فيه، لذلك يطلب الآن أن تقتص منه لما فعله، بيدك لا بيد الشيطان عدوك، حتى لا يشمت الفجار بمخلوقاتك، أدب واقتص كما تريد يا رب، لأنك لا تعذبني كما يستحق هذا الأثيم، فإذا جرى الخاطئ على هذا الأسلوب، وجد أن رحمة الله تزيد
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»