الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٩٣
يحسبون أنفسهم أبرارا، إلى اللهب الأبدية "، فلما سمع الفريسيون هذا، انصرفوا حانقين، ثم قال يسوع للذين تحولوا إلى التوبة ولتلاميذه... لعمر الله، هكذا يكون فرح بين ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب "، ولما أكلوا انصرف، لأنه يريد أن يذهب إلى اليهودية، فقال من ثم التلاميذ " يا معلم لا تذهب إلى اليهودية، لأننا نعلم أن الفريسيين ائتمروا مع رئيس الكهنة بك "، أجاب يسوع " إني علمت بذلك قبل أن فعلوه، ولكن لا أخاف، لأنهم لا يقدرون أن يفعلوا شيئا مضادا لمشيئة الله، فليفعلوا كل ما يرغبون، فإني لا أخافهم، بل أخاف الله!
ألا قولوا لي، هل فريسيو اليوم فريسيون؟ هل هم خدمة الله؟ لا البتة، بل الحق أقول لكم إنه لا يوجد هنا على الأرض شر من أن يستر الإنسان نفسه بالعلم ووشاح الدين ليخفى خبثه! إني أقص عليكم مثالا واحدا من فريسيى الزمان القديم لكي تعرفوا الحاضرين منهم. بعد سفر إيليا، تشتت شمل طائفة الفريسيين بسبب الاضطهاد العظيم من عبدة الأصنام، لأنه ذبح في زمن إيليا نفسه في سنة واحدة عشرة آلاف نبي ونيف من الفريسيين الحقيقيين! فذهب فريسيان إلى الجبال ليقطنا هناك، ولبث أحدهما خمس عشرة سنة لا يعرف شيئا عن جاره، مع أن أحدهما كان على بعد ساعة واحدة عن الآخر، فانظروا إذا كانا طفيليين! فحدث في هذه الجبال قيظ، فشرعا من ثم كلاهما، يفتشان على ماء، فالتقيا، فقال هنالك الأكبر منهما - لأنه كان من عادتهم أن يتكلم الأكبر قبل كل أحد غيره، وإذا تكلم شاب قبل شيخ، حسبوا ذلك خطيئة كبرى - " أين تسكن أيها الأخ! "، فأجاب مشيرا بإصبعه إلى المسكن " ههنا أسكن "، لأنهما كانا قريبين من مسكن الأصغر، فقال الأكبر " لعلك أتيت لما قتل أخاب أنبياء الله؟ "، أجاب الأصغر " إنه لكذلك "، قال الأكبر " أتعلم أيها الأخ من هو الملك على إسرائيل الآن؟ "، فأجاب الأصغر " إن الله هو ملك إسرائيل، لأن عبدة الأصنام ليسوا ملوكا، بل مضطهدين لإسرائيل "، قال الأكبر " إن هذا صحيح، ولكن أردت أن أقول من هو
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»