الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٩٦
هذا عرفت أنني أعظم الخطأة "، قال الأكبر " في خير من وذنب من تفكر، وأنت على هذه الجبال، فإنه لا يوجد بشر هنا؟ "، أجاب الأصغر " يجب على أن أفكر في طاعة الشمس والسيارات، لأنها تعبد خالقها أفضل مني، ولكني أحكم عليها، إما لأنها لا تعطى نورا كما أرغب، أو لأن حرارتها أكثر مما ينبغي، أو لأنه يوجد مطر أقل أو أكثر مما تحتاج الأرض "، فلما سمع الأكبر هذا، قال " أيها الأخ أين تعلمت هذا التعليم؟ فأنا الآن ابن تسعين سنة، صرفت منها خمسة وسبعين سنة وأنا فريسيي "، أجاب الأصغر " أيها الأخ إنك تقول هذا تواضعا، لأنك قدوس الله (1)، ولكن أجيبك بأن الله خالقنا لا ينظر إلى الوقت، بل ينظر إلى القلب، لذلك لما كان داود ابن خمس عشرة سنة وهو أصغر إخوته السنة، انتخبه إسرائيل ملكا وصار نبي الله ربنا "!.
وقال يسوع لتلاميذه " لقد كان هذا الرجل فريسيا حقيقيا، وإن شاء الله أمكنا أن نأخذه يوم الدين صديقا لنا "، ثم دخل يسوع إلى سفينته، وأسف تلاميذه، لأنهم نسوا أن يحضروا خبزا، فانتهزهم يسوع قائلا " احذروا من خمير فريسيي يومنا لأن خميرة صغيرة تخمر كيلة من الدقيق "، حينئذ قال التلاميذ بعضهم لبعض " أي خمير معنا، إذ لم يكن معنا خبز "، فقال يسوع " يا قليلي الإيمان! أنسيتم إذا ما فعل الله في نايين حيث لم يكن أدنى دليل على الحنطة؟ وكم عدد الذين أكلوا وشبعوا من خمسة أرغفة وسمكتين؟ إن خمير الفريسي هو عدم الإيمان بالله، بل قد أفسد إسرائيل، لأن السذج لما كانوا أميين يفعلون ما يرون الفريسيون يفعلونه، لأنهم يحسبونهم أطهارا! أتعلمون ما هو الفريسي الحقيقي؟ هو زيت الطبيعة البشرية، لأن الزيت كما يطفو فوق كل سائل، هكذا تطفو جودة كل فريسي حقيقي فوق كل صلاح بشرى، هو كتاب حي يمنحه الله للعالم، كل ما يقوله أو يفعله إنما هو بحسب شريعة

(١) القدوس بالضم (وقد يفتح) اسم من أسماء الله تعالى، وهو فعول من القدس وهو الطهارة، ويراد هنا طاهر الله. راجع ص ٥٥ من مختار الصحاح للإمام الرازي.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»