بل لنعمل به "، وبعد أن لاحظ الأكبر سنا صدق وبراءة رفيقه، قال " إنه لصحيح، غفر لك إلهنا "، وبعد أن قال هذا أخذ المزامير وقرأ ما يقول أبونا داود " إني أضع حارسا لفمي حتى لا يميل قلبي إلى كلمات الإثم، منتحلا عذرا عن خطاياي "، وهنا ألقى الشيخ خطابا على اللسان وانصرف الأصغر، فلبث خمس عشرة سنة أخرى، حتى التقيا، لأن الأصغر غير مسكنه، لذلك عندما عاد الأكبر فلقيه قال " لماذا لم ترجع أيها الأخ إلى مسكني؟ "، أجاب الأصغر " لأني لم أتعلم جيدا حتى الآن ما قلته لي "، فقال الأكبر " كيف يمكن ذلك، وقد مرت الآن خمس عشرة سنة؟ "، أجاب الأصغر " أما الكلمات فقد تعلمتها في ساعة واحدة ولم أنسها قط، ولكني حتى الآن لم أحفظها، فما الفائدة من أن يتعلم المرء كثيرا جدا ولا يحفظه؟، إن الله لا يطلب أن تكون بصيرتنا جيدة، بل قلبنا، وهكذا لا يسألنا في يوم الدينونة عما تعلمنا، بل عن عملنا "، أجاب الأكبر " لا تقل هكذا أيها الأخ، لأنك إنما تحتقر المعرفة التي يريد الله أن تعتبر "، أجاب الأصغر " فكيف أتكلم إذا حتى لا أقع في الخطيئة، لأن كلمتك صادقة وكلمتي أيضا، أقول إذا إن من يعرف وصايا الله المكتوبة في الشريعة، يجب عليه العمل بهذه أولا إذا أحب أن يتعلم بعد ذلك أكثر، وليكن ما يتعلمه الإنسان للعمل لا لمجرد العلم به "، قال الأكبر " قل لي أيها الأخ " مع من تكلمت لتعلم أنك لم تتعلم كل ما قلته؟ "، أجاب الأصغر " إني أتكلم أيها الأخ مع نفسي، إني أضع كل يوم نفسي أمام دينونة الله، لأعطى حسابا عن نفسي، وأشعر على الدوام في داخلي بمن يوبخ ذنوبي "، قال الأكبر " ما هي ذنوبك أيها الأخ الذي هو كامل؟ "، أجاب الأصغر " لا تقل هذا، لأن واقف بين ذنبين كبيرين، الأول أني لا أعرف نفسي أني أعظم الخطأة، الثاني أني لا أرغب في مجاهدة النفس لذلك، أكثر من الآخرين "، أجاب الأكبر " كيف تعلم أنك أعظم الخطأة إذا كنت أكمل الناس؟ "، أجاب الأصغر " إن الكلمة الأولى التي قالها لي معلمي عندما لبست لباس الفريسيين هي أنه يجب أن أفكر في خير غيري وفي إثمي، فإذا فعلت
(٩٥)