الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٨٥
الانغماس في الشهوة حينئذ من المحال، لذلك قال أرميا النبي باكيا بشدة " عين لص يسرق نفسي "، ولذلك صلى داود أبونا بأعظم شوق لله... أن يحول عينيه لكي لا يرى الباطل، لأن كل ماله نهاية، إنما هو باطل قطعا، قل لي إذا إذا كان لأحد فلسان يشتري بهما خبزا، أفيصرفهما مشتريا دخانا (1)؟ لا البتة!
لأن الدخان يضر العينين ولا يقيت الجسم، فعلى الإنسان أن يفعل هكذا، لأنه يجب عليه ببصر عينيه الخارجي وبصر عقله الداخلي أن يطلب ليعرف الله خالقه ومرضاة مشيئته، وأن لا يجعل غرضه المخلوق الذي يجعله يخسر الخالق!
لأنه حقا كلما نظر الإنسان شيئا، ونسي الله الذي خلقه للإنسان، فقد أخطأ، إذ لو وهبك صديق شيئا، تحفظه ذكرى له، فبعته ونسيت صديقك، فقد أغظت صديقك، فهذا ما يفعل الإنسان، لأنه عندما ينظر إلى المخلوق ولا يذكر الخالق الذي خلقه إكراما للإنسان، يخطئ إلى الله خالقه بالكفران بالنعمة، فمن ينظر إلى النساء، وينسى الله الذي خلق المرأة لأجل الإنسان، يكون قد أحبها واشتهاها، وتبلغ منه شهوته هذه مبلغا يحب معه كل شئ شبيه بالشئ المحبوب، فتنشأ عن ذلك الخطيئة التي يخجل من ذكرها، فإذا وضع الإنسان لجاما لعينه، يصير سعيد الحس الذي لا يشتهي ما لا يقدم له، وهكذا يكون الجسد تحت حكم الروح، فكما السفينة لا تتحرك بدون ريح، لا يقدر الجسد أن يخطئ بدون الحس (1)... ".
(10) البخل وتحول الخاطئ إلى التوبة:
البخل هو عطش الحس، فإذا أنار الله قلب الإنسان تاب، وتحول بخله إلى صدقة حبا في الله، " وليس لواضع المعروف في غير حقه وعند غير أهله من الحظ، إلا محمدة اللئام وثناء الأشرار ومقالة الجهال، ما دام منعما عليهم!
فما أجود يده وهو عن ذات الله بخيل! فمن آتاه الله ما لا، فليصل به القرابة

(1) يريد الدخان الحقيقي، لأن التبغ لم يكن قد عرف بعد.
(2) راجع ص 176 - 182 من إنجيل برنابا.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»