الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٧
لهذا بالحديث عن تاريخ التوحيد، ونختمه ببحث عن هل وحدة الأديان ممكنة وما هو دين السلام العام والحب العام؟
ولا يظن القارئ أن الحديث عن إنجيل برنابا سهل، لأني كي ألم بما أريده منه، قرأته عدة مرات، فالقراءة الأولى لكي أستوعب ما جاء فيه، والثانية لكي أحصر أغراضي منه، والثالثة لكي أترك ما لا يتصل ببحثي من الأمور التاريخية المعروفة للجميع، والرابعة لكي أجمع حبات العقد، وهكذا.. وكذلك كان الأمر في نقل النصوص، فقد نقلتها عدة مرات، مرة بالترتيب الذي وردت فيه مع حذف ما لا ضرورة في الاستشهاد به، ومرة بترك هذا الترتيب، ونقل كل نص في موضعه الجديد الذي أريده له، وهكذا، حتى استطعت أن أحصل منه على ما أريد الحصول عليه في البحث.
على أني يجب أن ألفت نظر القارئ إلى أن أغراضي الثلاثة في الحديث عن إنجيل برنابا مبثوثة كلها فيه، وهي كما قلت كلمة التوحيد بشطريها وتطهير النفس!
وللتعريف بهذا الإنجيل أذكر أن النسخة التي اطلعت عليها، هي نسخة عربية ترجمة الأسناد خليل سعادة عن نسخة انكليزية ترجمها لونسدال راغ نائب مطران الكنيسة في فنيس ولورا راغ عقيلته عن نسخة خطية في المكتبة الإمبراطورية بفينا، كتبت بالإيطالية القديمة منذ عدة قرون، ونشرها سنة 1908 المرحوم السيد محمد رشيد رضا منشئ المنار، وقال عنه المترجم في مقدمته: " إنه إنجيل تضاربت فيه آراء الباحثين، وتشعبت بخصوصه مذاهب المؤرخين (1) " وقال إن مكتشف النسخة الإيطالية راهب لاتيني يسمى فرامرينو، وكان مقربا من البابا اسكتس الخامس، فحدث يوما أنهما دخلا معا مكتبة البابا، فران الكرى على أجفانه، فأحب فرامرينو أن يقتل الوقت بالمطالعة إلى أن يفيق البابا، فكان الكتاب الأول الذي وضع يده عليه هو هذا الإنجيل نفسه، فكاد يطير فرحا من هذا الاكتشاف، فخبأ هذه الذخيرة الثمينة في أحد ردنيه، ولبث إلى أن استفاق البابا، فاستأذنه

(1) راجع ص 1 من مقدمة المترجم الأستاذ خليل سعادة.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»