يبيعون تذاكر للغفران من الذنوب بالنقد، أو تذاكر لدخول الجنة بغير حساب، وانتهى الأمر برؤسائهم إلى تأسيس محاكم التفتيش، فكانوا يحكمون بزندقة كل من يخالفهم رأيا أو لم يصدق لهم قولا، وأعملوا فيهم التقتيل والتعذيب والإحراق (1)!
(ج) يدعو الإسلام للقراءة، والقراءة الصحيحة، سواء في صحائف الكون أو في غيرها، تقتضي النظر وإعمال الفكر للفهم واستبانة الحقيقة، وتعود الفهم الصحيح والقدرة على الاستنباط والاستنتاج لمعرفة الأشياء والعلم بها علما تاما، وهي القراءة المقصودة من هذه الآية " اقرأ باسم ربك الذي خلق "!
وهذا الفعل الواحد " اقرأ "، حوى في طياته خمسة أمور دقيقة، أو أن عناصره عند التحليل خمسة: وهي، النظر، والفكر، وإدراك كنه الشئ وفهمه واستطلاع أثره، وتمام معرفته:
أما النظر، فإن كان بالعقل فللمعرفة، وإن كان بالقلب فللإعجاب، وإن كان بالعاطفة فللحب والإشفاق، وهو أول حركة مادية أو التفاتة ذهنية من الحركات التي حواها فعل " اقرأ "، فله فلسفة، وله مباحث تتعلق بالمعرفة، منها ما يخص الناظر، ومنها ما يخص المنظور، وغير ذلك من الأحوال والأمور، فليس نظر العالم للأشياء كنظر الجاهل، فالكون في نظر الجاهل ضيق الرقعة، ولكنه في نظر العالم البصير متسع لا حد له، وكلما والى النظر إليه والتأمل فيه، قرب منه ما بعد عنه، ثم هو يجد الكون مرآة مجلوة للناظرين، فالنظر إليه باب للاستدلال ومدرجة للتفكر، والتدبر يكون الوصول لمعرفة الأشياء على حقيقتها وطريق الاستفادة منها، ثم إنه بإمعان النظر، يتثبت الإنسان ويكون لنفسه الرأي السديد، فيبعد عن التقيد والتقليد! وبالنظر في الكائنات، إنما يوفى الإنسان غريزة الاستطلاع المخلوقة فيه، فالمولى سبحانه لم يطالبه في بداية الهداية بأكثر مما هو في استطاعته، أن يبصر ذات المنظور كلياته وجزئياته،