الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٤٤٠
الناس بربهم، وأن حبهم إنما لأنهم عرفونا بالله وعرفونا طريق الوصول إليه، ونهونا عن الطريق المبعد عنه، فيجب أن يكون تفكيرنا في هذا المعنى هو المسيطر على قلوبنا وأرواحنا، وأن نفكر في لقاء ربنا، وأن هذا اللقاء إنما لا يكون إلا بعد الموت، فهل من العقل أن نلقى ربنا وقد نسيناه، أو هل من الحكمة أن نلقاه وقد جحدناه، أو من العقل أن نلقاه وقد كفرنا به، وقد أمرنا رسله بالإيمان به، وأوحت إلينا الحياة بهذا الإيمان؟!
اقرأ أيها القارئ - من أي دين كنت - اقرأ القرآن، فهل تجد فيه غير تمجيد لله، وغير حث على الفضائل في الحياة، وغير وعد لك بالجنة إن قلت ربي الله ثم استقمت، وغير وعيد لك بالنار إن حدت عن الطريق المستقيم، فلماذا لا تقرأه، ولماذا لا تفهمه بعقلك وروحك ولماذا تنأى، وبك مسكة عقل عن الإسلام، و " لا إله إلا الله "، " موسى والمسيح ومحمد عبيد الله ورسله ".
والتقارب بين الأديان، إنما يكون بفهم أن رسل الله في الأديان السماوية - لم يأتوا لأنفسهم، بل أتوا ليعرفونا بالله وليقربونا إليه وليوصلونا إلى مرضاته، فالتفكير السليم يجعلنا نحب موسى ويسوع ومحمد، حب اعتراف بجميلهم إذ أفهمونا الإيمان بالله، لنحظى بسعادة معرفته وتوحيده وقربه ورضوانه، ولكن لا يجوز أن يطغى حب رسل الله، فنعطيهم أكثر مما لهم، وننزلهم غير منازلهم، ونحبهم أكثر من حب هدفهم وهدفنا، قدس الله أما في غير الأديان السماوية، فلا يخرج الأمر كذلك، على أن لا يطغى بنا الحب إلى أن نعطي بشرا أعجبنا به، أكثر مما له!
هذا التقارب الحق بين الأديان، هو الذي نفهمه، أن نوحد الهدف - والهدف واحد هو الله ولقاؤه في الدار الآخرة - فإذا ما وحدنا الهدف، ذهبت الخلافات وزالت، ولقد أردنا ببحثنا " الثقافة الروحية في إنجيل برنابا "، هذا السمو!
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 » »»