رسوله صلى الله عليه وسلم وبالتزام طاعته، وبالاعتقاد بالثواب والعقاب ويوم الحساب، وقال غيرهم إن الدين لا يكون بمجرد الاعتقاد بصالح الأعمال، كما لا يكون بالأعمال الصالحة بلا اعتقاد، أما النصارى فعندهم أن الدين هو عبارة عن مجموع النواميس الضابطة لنسبة الإنسان إلى الله، أو بين صفات تلك النسبة، وقال باسكال " أرى أديانا كثيرة متناقضة، فكلها باطلة، خلا دينا واحدا! فاختلاف الأديان وتباينها وتضاربها ناشئ عن مطامع الرجال وإثمهم، والدين ثابت في قواعده وجوهره، ولكنه يختلف في صورته الخارجية، فتنشأ عن ذلك الخرافات والبدع "!
نعم إن الدين الحقيقي واحد، لأنه ينتمي إلى الحقيقة الأزلية، وهي الله سبحانه وتعالى، والحقيقة كما تعلم لا تتجزأ ولا تنقسم، وما هؤلاء الأنبياء والرسل عليهم السلام، إلا مرسلون من عند الله هدى للعالمين، ولو سلمت كتبهم من التصحيف والتحريف، وسلمت قلوب الشراح (1) والمجتهدين من الزيغ في فهم الحقائق، لما وجدنا في الناس اختلافا في أديانهم، ولكن كان ذلك بسماح من الله، " ولو شاء ربك، لجعل الناس أمة واحدة "! ولو اقتصر الناس على ما تلقوه من أنبيائهم، لما وجدت الوثنية في الوجود، ولما اختلف عبدة الله عز وجل في فهم حقائق دينهم، وانقسامهم إلى فرق ومذاهب، لأن كل الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، هم من مصدر واحد هو الله سبحانه وتعالى، فمن الضروري أن تكون تعاليمهم الدينية واحدة منطبقة على استعداد الناس، وملائمة لفطرتهم، ومحسنة لأحوالهم في دنياهم، ومهيئة لهم الخلود والسعادة في معادهم، ولكن من أين يكون ذلك للإنسان، وقد خلق حريصا على منافعه مغاليا في أنانيته، وهكذا توسع المجتهدون في الأديان وبعدوا بها عن الحالة التي أوجدها الخالق الديان، وما زال الناس في هذا الاضطراب في أمور دينهم