الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٣٦
لنا رؤية إلهنا في كل مكان "، أجاب الجنود " احذر كيف تتكلم، لأنك إذا صببت احتقارا على آلهتنا، أسلمناك إلى يد هيرودس الذي ينتقم لآلهتنا القادرة على كل شئ "، أجاب يسوع " إن كانت قادرة على كل شئ كما تقولون، فعفوا لأني سأعبدها "، ففرح الجنود لما سمعوا هذا وأخذوا يمجدون أصنامهم، فقال حينئذ يسوع " لا حاجة بنا إلى هذا الكلام، بل إلى الأعمال، فاطلبوا لذلك من آلهتكم أن نخلق ذبابة واحدة، فأعبدها " فراع الجنود سماع هذا ولم يدروا ما يقولون، فقال من ثم يسوع " إذا كانت لا تقدر أن تصنع ذبابة واحدة جديدة، فإني لا أترك لأجلها، ذلك الإله الذي خلق كل شئ بكلمة واحدة، الذي مجرد اسمه يروع جيوشا (1)... ".
(9) ولقد نشأت النصرانية في أورشليم المقدسة (بيت المقدس)، ثم امتدت إلى أنطاكية في سوريا، فمصر ورومية عاصمة الإمبراطورية الرومانية.
وكان النصارى قد جعلوا دينهم سرا مصونا، لا يوقفون غيرهم على عباداتهم واعتقاداتهم، وكانوا يتعارفون بإشارة الصليب بيمناهم، تنقل بين الوجه والصرة والكتفين، فكان تكتمهم يثير الشكوك في النفوس فرموهم بذبح الأطفال وباللصوصية وعداء القياصرة امبراطرة رومية، فاضطهدوهم وقتلوا الكثير منهم واستحلوا أموالهم، فكانوا يقبلون على الاستشهاد راضين، وكانوا في مدى الثلاثمائة سنة الأولى لتاريخهم معتكفين على العبادة متجردين عن العالميات، وكان أكثرهم من العامة، حتى كان الوثنيون يسمون النصرانية دين الفقراء، وكان الأغنياء منهم، يتقشفون ويهبون أموالهم للفقراء والمساكين!
ثم أتيح للمسيحيين الفرج بعد الضيق على يد قسطنطين الذي ظهر في أوائل

(1) راجع ص 235 و 236 من إنجيل برنابا، ثم أجاب الجنود لنرى هذا، لأننا نريد أن نأخذك، وأرادوا أن يمدوا أيديهم إلى يسوع، فذكر اسم الله، ففي الحال تدحرجت الجنود من الهيكل كما يدحرج المرء براميل من خشب لتملأ ثانية...
فكانوا يلتطمون بالأرض تارة برأسهم وطورا بأرجلهم، وذلك دون أن يمسهم أحد، فارتاعوا وأسرعوا إلى الهرب، ولم يعودوا يروا في اليهودية قط!.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»