القدير الغيور.. أيها الرب الإله الرحيم المخلص.. أيها الرب الجواد الغني في الرحمة، امنح خادمك أن يكون بين أمة رسولك يوم الدين.. لكن هكذا أيها الرب العظيم الرحيم "، " أيها الرب القدير الرحيم، ارحم وأصخ السمع إلى كلمات عبدك (1) "!
(3) توحيد الله والتوكل عليه:
يرى الغزالي أنه يجب على الإنسان أن يفهم التوحيد بأن يرى الأشياء كلها من مسبب الأسباب، ولا يلتفت إلى الوسائط، بل يرى الوسائط مسخرة لا حكم لها، وأن يوقن بالثواب والعقاب، بأن يغلب على قلبه أن من يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، موقنا بأن الله تعالى مطلع عليه في كل حال، مشاهد لهواجس ضميره وخفايا خواطره وفكره، ويظهر أثرا الخشية عليه، لا ينظر إليه ناظر إلا وكان نظره مذكرا بالله تعالى، وكانت صورته دليلا على عمله فيكون أكثر بحثه عن علم الأعمال (فإن أصل الدين التوقي من الشر)، ويكون اعتماده في علوم على بصيرته وإدراكه بصفاء قلبه.
ويقول إن التوحيد يترجمه قولك " لا إله إلا الله وحده لا شريك له " وإن هذا التوحيد له أربع مراتب:
(1) أن يقول الإنسان بلسانه " لا إله إلا الله " وقلبه غافل عنه أو منكر، وهذا يسمى توحيدا، مناقضا للتثليث الذي صرح به النصارى، ولكنه قد يصدر من المنافق، الذي يخالف سره جهره.
(2) أن يصدق بمعنى اللفظ، كما صدق به عموم المسلمين، وهو اعتقاد العوام.
(3) أن يشاهد ذلك بطريق الكشف، بواسطة نور الحق، وهو مقام المقربين، وذلك بأن يرى أشياء كثيرة، ولكن يراها على كثرتها صادرة عن الواحد القهار.