بأنه تعالى ليس بجوهر يتحيز، بل يتعالى ويتقدس عن مناسبة الحيز، والعلم بأنه تعالى ليس بجسم مؤلف من جواهر، وليس بعرض قائم بجسم أو حال في محل، والعلم بأنه تعالى منزه الذات عن الاختصاص بالجهات، والعلم بأنه تعالى مستو على عرشه بالمعنى الذي أراده، والعلم بأنه تعالى مع كونه منزها عن الصورة والمقدار، مقدسا عن الجهات والأقطار، مرئي بالأعين والأبصار في الآخرة، والعلم بأنه عز وجل لا شريك له.
وأما الركن الثاني من أركان الإيمان، فهو العلم بصفات الله تعالى، بأنه " على كل شئ قدير " و " بكل شئ عليم "، وأنه حي وأنه هو المبدئ والعبد والفعال لما يريد، سميع بلا أذن، بصير بلا حدقة، لا يعزب عن رؤيته هواجس الضمير وخفايا الوهم والتفكير، وأنه سبحانه وتعالى متكلم بكلام هو وصف قائم بذاته، ليس بصوت ولا حرف، بل لا يشبه كلامه كلام غيره، وأن الكلام القائم بنفسه قديم، وكذا جميع صفاته، وأن علمه قديم، وأن إرادته وهي في القدم تعلقت بإحداث الحوادث في أوقاتها اللائقة بها، على وفق سبق العلم الأزلي.
والركن الثالث من أركان الإيمان هو العلم بأفعال الله تعالى، وأن كل حادث في العالم هو فعله وخلقه واختراعه، وأن انفراد الله سبحانه وتعالى باختراع حركات العباد، لا يخرجها عن كونها مقدورة للعباد على سبيل الإكتساب، بل الله تعالى خلق القدرة والمقدور جميعا، وخلق الاختيار والمختار جميعا، ون فعل العبد وإن كان كسبا للعبد، فلا يخرج عن كونه مراد الله سبحانه وتعالى، وأن الله تعالى متفضل بالخلق والاختراع ومتطول بتكليف العباد، ولم يكن الخلق والتكليف واجبا عليه، إذ هو الموجب والآمر والناهي، وأنه يجوز على الله سبحانه أن يكلف الخلق ما لا يطيقونه، وأن لله عز وجل إيلام.
الخلق وتعذيبهم من غير جرم سابق ومن غير ثواب لاحق لأنه متصرف في ملكه، وأنه تعالى يفعل بعباده ما يشاء، في فلا يجب عليه رعاية الأصلح لعباده (إذ القبيح ما لا يوافق الغرض، فإن أريد بالقبيح ما لا يوافق غرض الباري سبحانه، فهو محال، إذ لا غرض له، فلا يتصور منه قبيح، كما لا يتصور منه ظلم، وإن أريد القبيح ما لا يوافق غرض الغير، فهذا مجرد تشبه، ثم معنى