الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٧٢
والزينة لكل من الرجال والنساء، ولكنه كان يكره أن يبالغ الرجال فيها، لأن المغالاة فيها تخرج عن أن تكون زينة مقبولة مستحسنة، إلى أن تكون تخنثا مكروها، أو خروجا من المرأة عن حد الأدب مع الغير، وكان يستحسن الترجيل (1)، وأمر صلى الله عليه وسلم بحلق الشعر، ولكنه نهى عن القزع وهو إذا حلق رأس الصبي، ترك جانبا رأسه وناصيته، ونهى أن تحلق المرأة رأسها، وقال " لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة " (2)، وكان يحب الطيب والنظافة والزينة، وكان يحب للنساء بساطة التجميل، ويذم جر الثوب خيلاء، لما فيه من معنى ذميم، ونهي عن اللبس الذي يتعرض فيه المرء للعرى، ولنفس المعنى نهى النساء عن لبس الثياب الرقاق، ولعن الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل، وكان يكره الثوب الذي تشم منه ريح العرق، ويتجنب أكل ماله رائحة خبيثة كالبصل والثوم، وكان يقول " من أكل ثوما أو بصلا، فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته "، وكان عليه الصلاة والسلام يحب الجمال حتى في هيئة النوم، فنهى عن الاضطجاع على البطن أو وضع إحدى الرجلين على الأخرى في النوم، خوف انكشاف العورة، وكان يحب الجمال حتى في قضاء الحاجة، فنهى عن التبول قائما إلا لعذر من مرض وعن كشف العورة عند الغائط أو البول أمام الناس بل البعد عن الأنظار عند القيام بهما، ثم التنظيف بالماء والأحجار بعدهما، مع الاستعاذة من الخبث، وحمد الله على إبعاد الأذى وإجلال اسم الله أن يذكر في هذه الحالة أو في تلك الأمكنة، وذكره بعدها كلمة غفرانك!
وكان من مظاهر حب نبينا الكريم للجمال، حبه للسواك، وكان يقول " السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب تعالى "، وكان يبتسم للشئ المثير للضحك ويمزح ويداعب، ولا يقول إلا حقا، وكان يسمح باللهو البرئ، إلا أنه كان

(1) تسريح الشعر.
(2) الواصلة التي تصل الشعر بشعر النساء، والمستوصلة التي يعمل بها ذلك، والواشمة التي تجعل الخيلان في وجهها بكحل أو مداد، والمستوشمة المعمول بها ذلك.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»