الفصل الرابع المسيح ومعجزاته وعقيدته في التوحيد ودعوته له في إنجيل برنابا " الحمد لله علم السرائر وخبر الضمائر، له الإحاطة بكل شئ والقوة على كل شئ! الحمد لله خالق العباد وساطح المهاد ومسيل الوهاد ومخصب النجاد، ليس لأوليته ابتداء ولا لأزليته انقضاء، هو الأول لم يزل والباقي بلا أجل، خرت له الجباه ووحدته الشفاه، حد الأشياء عند خلقه لها، إبانة له من شبهها لا تقدره الأوهام بالحدود والحركات، ولا بالجوارح والأدوات، لا يقال له متى، ولا يضرب له أمد بحتى، الظاهر لا يقال مما، والباطل لا يقال فيما، لا شبح فينقضي، ولا مجوب فيحوى، لم يقرب من الأشياء بالتصاق، ولم يبعد عنها بافتراق، لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة، ولا كرور لفظة، ولا ازدلاف ربوة ولا انبساط خطوة، في ليل داج لا غسق ساج، يتفيأ عليه القمر المنير، وتعقبه الشمس ذات النور في الأفول والكرور، وتقلب الأزمنة والدهور، من إقبال ليل مقبل وإدبار نهار مدبر، قبل كل غاية ومدة وكل إحصاء وعدة، تعالى عما ينحله المحددون من صفات الأقدار ونهايات الأقطار وتأثل المساكن وتمكن الأماكن، فالحد لخلقه مضروب، وإلى غيره منسوب، لم يخلق الأشياء من أصول أزلية ولا أوائل أبدية، خلق ما خلق، فأقام حده، وصور ما صور فأحسن صورته، ليس لشئ منه امتناع، ولا له بطاعة شئ انتفاع، علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين، وعلمه بما في السماوات العلى، كعلمه بما في الأرض السفلى!
أيها المخلوق السوي والمنشأ المرعي، في ظلمات الأرحام ومضاعفات الأستار، بدئت من سلالة من طين، ووضعت في قرار مكين، إلى قدر معلوم