الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ١٦١
ابن أرملة فقيرة كانت تسكن على مقربة من جبل الكرمل حيث كان الأنبياء والفريسيون يقيمون، فاتفق حينئذ أن هوشع كان ذاهبا ليقطع حطبا، فالتقى بالمرأة وهي باكية، فشرع من ثم يبكي حالا، لأنه كان متى رأى ضاحكا ضحك، ومتى رأى باكيا بكى، فسأل حينئذ هوشع المرأة عن سبب بكائها، فأخبرته بكل شئ، فقال حينئذ هوشع: " تعالى أيتها الأخت، لأن الله يريد أن يعطيك ابنك "، فذهب كلاهما إلى جرون حيث باع هوشع نفسه وأعطى النقود للأرملة التي لم تعلم كيف حصل عليها فقبلتها وافتدت ابنها! والذي اشترى هوشع أخذه إلى أورشليم حيث كان له منزل وهو لا يعرف هوشع، فلما رأى حجى أنه لا يمكن العثور على هوشع، لبث كاسف البال، فأخبره من ثم ملاك الله كيف أنه قد أخذ عبدا إلى أورشليم، فلما علم هذا حجى، بكى لبعاد هوشع كما تبكي الأم لبعاد ابنها، وبعد أن دعا تلميذين، ذهب إلى أورشليم فصادف بمشيئة الله عند مدخل المدينة هوشع، وكان محملا للخبز ليأخذه إلى الفعلة في كرم سيده، فلما استبانه حجى قال: " يا بني كيف هجرت أباك الشيخ الذي ينشدك نائحا؟ " أجاب هوشع " يا أبتاه لقد شريت " فقال حينئذ حجى بحنق: " من هو ذلك الردئ الذي باعك؟ "، فأجاب هوشع: " غفر لك الله يا أبتاه، لأن الذي باعني صالح، بحيث لو لم يكن في العالم، لما صار أحد طاهرا "، فقال حجى " فمن هو إذا "، أجاب هوشع " إنه كتاب موسى يا أبتاه " فوقف حينئذ حجى الصالح كمن فقد عقله، وقال: " ليت كتاب موسى يبيعني أنا أيضا مع أولادي كما باعك! "، وذهب حجى مع هوشع إلى بيت سيده الذي قال لما رأى حجى " تبارك إلهنا الذي أرسل نبيه إلى بيتي " وأسرع ليقبل يده، فقال حينئذ حجى " قبل أيها الأخ عبدك الذي ابتعته لأنه خير مني " وأخبره بكل ما جرى، ثم أعتق السيد هوشع، ثم قال الكاتب " وهذا كل ما تبغى يا معلم... " وقال يسوع للكاتب: " ماذا عساك أن تطلب مني أيها الأخ وعندك مثل هذه المعرفة؟ لعمر الله إن في هذا كفاية لخلاص الإنسان، لأن اتضاع حجى
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»