الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ١٥٦
عدة مرات، وفي خاطري آية من الكتاب أشكل على فهمها، " أجاب يسوع وما هي؟ "، قال الكاتب " هي ما قاله الله لإبراهيم أبينا " إني أكون جزاءك العظيم " فكيف يستحق الإنسان هذا الجزاء؟ "، فتهلل حينئذ يسوع بالروح وقال " حقا إنك لست بعيدا عن ملكوت الله! أصخ السمع إلى لأني أفيدك معنى هذا التعليم، لما كان الله غير محدود والإنسان محدودا " لم يستحق الإنسان الله، فهل هذا موضع ريبتك أيها الأخ "، أجاب الكاتب باكيا " يا سيد! إنك تعرف قلبي، تكلم إذا لأن نفسي تروم أن تسمع صوتك، فقال حينئذ يسوع " لعمر الله إن الإنسان لا يستحق النفس القليل الذي يأخذه كل دقيقة "، فلما سمع الكاتب هذا كاد يجن وانذهل كذلك التلاميذ لأنهم ذكروا ما قال يسوع إنهم مهما أعطوا في حب الله، يأخذون مائة ضعف، حينئذ قال: "... من خلق الإنسان من لا شئ؟ من المؤكد أنه هو الله الذي وهبه العالم برمته لمنفعته، ولكن الإنسان قد صرفه كله بارتكاب الخطيئة. لأنه بسبب الخطيئة انقلب العالم ضدا للإنسان، وليس للإنسان في شقائه شئ يعطيه لله سوى أعمال أفسدتها الخطيئة، لأنه بارتكابه الخطيئة كل يوم يفسد عمله. لذلك يقول أشعيا النبي " إن برنا كخرقة حائض " فيكف يكون للإنسان استحقاق وهو غير قادر على الترضية؟ لعل الإنسان لا يخطئ! إن المؤكد أن إلهنا يقول على لسان نبيه داود " إن الصديق يسقط سبع مرات في اليوم، فكم مرة يسقط الفاجر إذا؟ " وإذا كان برنا فاسدا، فكم يكون فجورنا ممقوتا؟ لعمر الله إنه لا يوجد شئ يجب على الإنسان الإعراض عنه كهذا القول " إني أستحق " ليعرف الإنسان أيها الأخ عمل يديه، فيرى استحقاقه، حقا إن كل عمل صالح يصدر عن الإنسان، لا يفعله الإنسان إنما يفعله الله فيه، لأن وجوده من الله الذي خلقه، أما ما يفعله الإنسان فهو أن يخالف خالقه ويرتكب الخطيئة التي لا يستحق عليها جزاء بل عذابا!
لم يخلق الله الإنسان كما قلت فقط، بل خلقه كاملا " ولقد أعطاه ملاكين
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»