الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ١٥٠
بعضها يبعد عن بعض كما تبعد السماء الأولى عن الأرض التي تبعد عن الأرض سفر خمسمائة سنة، وعليه فإن الأرض تبعد عن أعلى سماء مسيرة أربعة آلاف وخمسمائة سنة، فبناء على ذلك أقول لكم إنها بالنسبة إلى السماء الأولى كرأس إبرة، ومثلها السماء الأولى بالنسبة إلى الثانية، وعلى هذا النمط كل السماوات، الواحدة منها أسفل مما يليها، ولكن كل حجم الأرض مع حجم كل السماوات بالنسبة إلى الجنة كنقطة بل كحبة رمل، أليست هذه العظمة مما لا يقاس؟ "، فأجاب التلاميذ " بلى! بلى! "، حينئذ قال يسع " لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته، إن الكون أمام الله، لصغير كحبة رمل، والله أعظم من ذلك بمقدار ما يلزم من حبوب الرمل لملء كل السماوات والجنة بل أكثر، فانظروا الآن إذا كان هناك نسبة بين الله والإنسان الذي ليس وسوى كتلة صغيرة من طين واقفة على الأرض، فانتبهوا إذا لتأخذوا المعنى، لا مجرد الكلام، إذا أردتم أن تنالوا الحياة الأبدية "، فأجاب التلاميذ " إن الله وحده يقدر أن يعرف نفسه، وإنه حقا لكما قال أشعيا النبي " هو محتجب عن الحواس البشرية ". أجاب يسوع " إن هذا لهو الحق، لذلك سنعرف الله متى صرنا في الجنة، كما يعرف هنا البحر من قطرة ماء مالح (1) "!
(6) الصلاة لله:
الصلاة مناجاة لله وتضرع وركوع وسجود ودعاء، وهي تقرب العبد إلى ربه، لأنه بمناجاته له وبدعائه وطلبه منه أن يرحمه وأن يعطيه وأن يهبه الجنة ويقيه النار وأن يرزقه ويحفظه ويقيه السيئات، صلة لا ينعم بمثلها من لا يقوم بالصلاة، ولذلك كانت الصلاة في الإسلام إحدى دعائمه، لأنها لا تكون إلا عن معرفة لله، ولأنها إذا كانت متوفرة شروطها من الخضوع لله والتفكير في عظمته، حققت غرضها، فتنهى عبد الله المصلي عن كل فحشاء وكل منكر، وتقربه إلى الجلال والجمال!

(1) راجع ص 160 - 162 من إنجيل برنابا.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»