الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ١٢٠
طرد الظلام "، فقال يسوع " وأنا أقول لكم إنه بالضد من ذلك، متى فعل أحد حسنا أو تكلم حسنا، فكل من يحاول منعه بوسيلة ليس فيها ما هو أفضل منه، فإنما هو يخدم الشيطان، بل يصير رفيقه، لأن الشيطان لا يهتم بشئ سوى منع كل شئ صالح، ولكن ماذا أقول لكم الآن! إني أقول لكم ما قاله سليمان النبي قدوس وخليل الله " من كل ألف تعرفونهم، يكون واحد صديقكم " فقال متى " ألا نقدر إذا أن نحب أحدا! "، أجاب يسوع " الحق أقول لكم إنه لا يجوز لكم أن تكرهوا شيئا إلا الخطيئة، حتى أنكم لا تقدرون أن تبغضوا الشيطان من حيث هو خليقة الله، بل من حيث هو عدو الله، أتعلمون لماذا؟ إني أفيدكم! لأنه خليقة الله، وكل ما خلق الله فهو حسن وكامل، فلذلك كل من يكره الخليقة يكره الخالق، ولكن الصديق شئ خاص لا يسهل وجوده، ولكن يسهل فقده، لأن الصديق لا يسمح باعتراض على من يحبه حبا شديدا! احذروا وانتبهوا ولا تختاروا من لا يحب من تحبون صديقا، فاعلموا ما المراد بالصديق، لا يراد بالصديق إلا طبيب النفس، وهكذا كما أنه يندر أن يجد الإنسان طبيبا ماهرا يعرف الأمراض ويفقه استعمال الأدوية فيها، هكذا يندر وجود أصدقاء يعرفون الهفوات ويفقهون كيف يرشدون للصلاح، ولكن هناك شرا وهو أن الكثيرين أصدقاء يغضون الطرف عن هفوات صديقهم، وآخرين يعذرونهم، وآخرين يحامون عنهم بوسيلة عالمية، ويوجد أصدقاء - وذلك شر مما تقدم - يدعون أصدقاءهم ويعضدونهم بارتكاب الخطأ، وستكون آخرتهم نظير لؤمهم، احذروا من أن تتخذوا أمثال هؤلاء القوم أصدقاء، لأنهم أعداء وقتلة النفس حقا! ليكن صديقك يقبل الإصلاح، كما يريد هو أن يصلحك، وكما أنه يريد أن تترك كل شئ حبا في الله، فعليه أن يرضى بأن تتركه لأجل خدمة الله! ولكن قل لي، إذا كان الإنسان لا يعرف كيف يحب الله، فكيف يعرف كيف يحب نفسه، وكيف يعرف كيف يحب الآخرين، إذا كان لا يعرف كيف يحب نفسه؟
حقا إن هذا لمحال، فمتى اخترت لك صديقا، لأن من لا صديق له مطلقا
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»