صوت الحق ودعوة الصدق - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٥٧
قبل انقضاء عدة الوفاء، ونفي أبي ذر الذي قال رسول الله في حقه ما قال (1) ، وغير ذلك من المنكرات.
فأنتم ورأيكم في هذه الأمور، ولكن لماذا تطلبون ممن أدى اجتهاده على خلاف اجتهادكم في أصحاب هذه الأحداث ترك اجتهاده، ولا تحترمون اجتهاده فيهم كأنه ارتكب كبيرة من الكبائر.
وإذا كان من الجائز أن تحمل أعمال هؤلاء، وحروبهم، وقتلهم النفوس وبغضهم للإمام علي عليه السلام الذي كان من أظهر آثار النفاق بل يعد في عهد الرسول صلى الله عليه وآله من علائم خبث الولادة على الاجتهاد، وإذا أنتم تعذرون معاوية، وقلتم بأنه مجتهد مخطئ لا ذنب له مع أفاعيله المنكرة الموبقة العظيمة، ومع أنه سن سب أخ الرسول، ومن هو بمنزلة نفسه، على المنابر، وتحملون جميع ما صدر عنه، وعن أتباعه من بني أمية، وغيرهم على الاجتهاد لا تفسقون واحدا منهم.

(1) أخرج أحمد في مسنده (ج 5 ص 197) عن عبد الرحمان بن غنم أنه زار أبا الدرداء بحمص فمكث عنده ليالي، وأمر بحماره فأوقف فقال أبو الدرداء ما أراني إلا متبعك فأمر بحماره فأسرج وسارا جميعا على حماريهما فلقيا رجلا شهد الجمعة بالأمس عند معاوية بالجابية فعرفهما الرجل، ولم يعرفاه فأخبرهما خبر الناس ثم إن الرجل قال وخبر آخر كرهت أن أخبركما أراكما تكرهانه فقال أبو الدرداء فلعل أبا ذر نفي قال نعم والله فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريبا من عشر مرات..
ثم قال أبو الدرداء ارتقبهم واصطبر كما قيل لأصحاب الناقة: اللهم إن كذبوا أبا ذر فإني لا أكذبه، اللهم وإن اتهموه فإني لا أتهمه، اللهم وإن استغشوه فإني لا استغشه فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتمنه حين لا يأتمن أحد ويسر إليه حين لا يسر إلى أحد.
أما والذي نفس أبي الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد الذي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»