صوت الحق ودعوة الصدق - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٥٩
وكل باحث في تاريخ الإسلام إذا كان منصفا يعرف أن الأصل في إدخال هذه الأمور في الدين، ما كان إلا سياسة الحكام الذين قلبوا الإسلام ظهرا لبطن حتى قال أبو الدرداء: والله لا أعرف فيهم من أمر محمد صلى الله عليه وآله شيئا إلا أنهم يصلون جميعا (1).
وقال أنس:
ما أعرف شيئا مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قيل: الصلاة قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها (2)؟.
ولكنهم منعوا بكلمتهم (الصحابة كلهم عدول) الأمة عن البحث والتنقيب حول ما شجر بين الأولين لما رأوا أن ذلك يؤدي إلى معرفتهم ما لا يحبون، ويحتم عليهم النزول عن عروشهم الاستبدادية، وينتهي إلى الحكم بعدم شرعية حكوماتهم، وجعلوا هذا كبعض الأمور التعبدية، الذي لا يجوز لأحد أن يسئل عنه لعدم اهتداء العقل إلى حقيقته، فلا يجوز لأحد أن يتكلم في صحابي، ولو كان بسرا، والمغيرة بن شعبة، وسمرة بن جندب، والوليد ابن عقبة، بل ولا في من رأى الصحابي، ولو كان هو الحجاج أو مسلم بن عقبة.
أما إذا كان ممن اعتلوا عرش الحكم واستبدوا بمقدرات الأمة، فلا يجوز القدح في أعماله أصلا لأنه على الأمة إطاعة الولاة، ولأنهم (العياذ بالله) صنائع الإسلام، ومطبقوا مناهجه السياسية فلا يجوز لأحد أن يقف أمام مواقفهم السياسية حرا، وينظر إليها بعين الفهم والعقل، والمحاكمة الواعية.

(1) يراجع مسند أحمد: 6 / 443.
(2) يراجع صحيح البخاري كتاب مواقيت الصلاة باب تضييع الصلاة عن وقتها.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»