المنحة الوهبية في رد الوهابية - الطحطاوي - الصفحة ٥
في كل زمان ولا شك أن الأنبياء أولى وأعلا على أنهم قالوا ما من نبي إلا وقد رزق الشهادة وهذا ظاهر وأما قول الحلبي في السيرة قد يقال إنه قد يكون في المفضول ما لا يكون في الفاضل فلا يلزم القياس فممنوع بأن ذلك ممكن فيما لم يرد به نص يوافق هذا القياس وقد ورد من الأحاديث الصحيحة المشفق عليها ما يوافق ذلك ففي البخاري أو مسلم مررت ليلة أسري بي على موسى وهو قائم في قبره يصلي وروى البيهقي وغيره بأسانيد صحيحة عند صلى الله عليه وسلم أنه قال الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون وورد أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وقد أطبق العلماء على ذلك وورد في الصحيحين أن الله بعث لنبينا جميع الأنبياء ليلة الإسراء فصلى بهم إماما ركعتين والصلاة ذات ركوع وسجود وهي تستدعي جسدا حيا كما قالوه في صلاة موسى في قبره قال في المشكاة ناقلا عن الصحيحين وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي فإذا هو رجل ضرب جعد يعني شعره غير سبط كأنه من رجل شنؤة وهم قوم من الزط سمر اللون قال الشيخ علي القاري في شرحه قلت قد سبق أنهم أي الأنبياء أحياء عند ربهم وأن الله حرم على الأرض أن تأكل لحومهم ثم أجسادهم كأرواحهم لطيفة غير كثيفة فلا مانع لظهورهم في عالم الملك والملكوت على وجه الكمال بقدرة ذي الجلال ومما يؤيد تشكيل الأنبياء وتصورهم على وجه الجمع بين أجسادهم وأرواحهم قوله في الحديث فإذا موسى قائم يصلي فإن حقيقة الصلاة وهي الإتيان بالأفعال المختلفة إنما يكون للأشباح لا للأرواح لا سيما وكالتصريح في المعنى قوله فإذا موسى رجل ضرب نوع وسط من الرجال أو ضعيف اللحم على ما في النهاية جعد كأنه من رجال شنؤة ثم قال أيضا قلت وقد قدمنا أن الأنبياء لا يموتون كساير الأحياء بل نقلوا من دار الفناء إلى دار البقاء وقد ورد به الأحاديث والأنباء انتهى قال الإمام البيهقي في كتاب الاعتقاد الأنبياء بعد ما قبضوا أردت إليهم أرواحهم فغيبوا عنا وإن كنا لا نراهم كالملائكة إلا لمن أكرمه الله تعالى بنوع كرامة وكذلك ذكر الإمام السيوطي وهو قول الإمام النووي والسبكي والقرطبي عن شيخه ونقله عنه ابن القيم الحنبلي في كتاب الروح وابن حجر والرملي والقاضي زكريا وأكمل الدين الحنفي والشرنبلالي وابن أبي جمرة المالكي وتلميذه ابن الحاج
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... مقدمة 2 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 ... » »»