لا يجوز رفع الأصوات في الذكر والدعاء إلا حيث جاءت به السنة (إن رفع الأصوات في الذكر المشروع لا يجوز إلا حيث جاءت به السنة؛ كالأذان والتلبية ونحو ذلك؛ فالسنة للذاكرين والداعين ألا يرفعوا أصواتهم رفعا شديدا، كما ثبت في «الصحيح» عن أبي موسى أنه قال: كنا مع رسول الله (ص)، فكنا إذا علونا على شرف كبرنا فارتفعت أصواتنا، فقال: «يا أيها الناس! أربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنما تدعون سميعا قريبا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» (1).
وقد قال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} (2)، وقال عن زكريا: {إذ نادى ربه نداء خفيا} (3)...
وفي هذا من الآثار عن سلف الأمة وأئمتها ما ليس هذا موضعه؛ كما قال الحسن البصري: رفع الصوت بالدعاء بدعة. وكذلك نص عليه أحمد ابن حنبل وغيره، وقال قيس بن عباد - وهو من كبار التابعين من أصحاب علي عليه السلام -، روى عنه الحسن البصري؛ قال: كانوا يستحبون خفض الصوت عند الذكر، وعند الجنائز، وعند القتال.
وهذه المواطن الثلاثة تطلب النفوس فيها الحركة الشديدة ورفع الصوت عند الذكر والدعاء؛ لما فيه من الحلاوة ومحبة ذكر الله ودعائه، وعند الجنائز