المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٣٥٨
بالقسي الفارسية ونحوها مما يحتاج إليه في القتال؛ فقد ثبت عن النبي (ص) أنه أمر بقتالهم، وأخبر أن أمته ستقاتلهم، ومعلوم أن قتالهم النافع إنما هو بالقسي الفارسية، ولو قوتلوا بالقسي العربية التي تشبه قوس القطن لم تغن شيئا؛ بل استطالوا على المسلمين بقوة رميهم؛ فلا بد من قتالهم بما يقهرهم.
وقد قال بعض المسلمين لعمر بن الخطاب: إن العدو إذا رأيناهم قد لبسوا الحرير وجدنا في قلوبنا روعة. فقال: وأنتم؛ فالبسوا كما لبسوا. وقد أمر النبي (ص) أصحابه في عمرة القضية بالرمل والاضطباع ليرى المشركين قوتهم، وإن لم يكن هذا مشروعا قبل هذا؛ ففعل لأجل الجهاد ما لم يكن مشروعا بدون ذلك.
ولهذا قد يحتاج في إبراء المصروع ودفع الجن عنه إلى الضرب، فيضرب ضربا كثيرا جدا، والضرب إنما يقع على الجني ولا يحس به المصروع حتى يفيق المصروع ويخبر أنه لم يحس بشيء من ذلك، ولا يؤثر في بدنه، ويكون قد ضرب بعصا قوية على رجليه نحو ثلاث مئة أو أربع مئة ضربة وأكثر وأقل، بحيث لو كان على الإنسي لقتله، وإنما هو على الجني، والجني يصيح ويصرخ ويحدث الحاضرين بأمور متعددة كما قد فعلنا نحن هذا وجربناه مرات كثيرة يطول وصفها بحضرة خلق كثيرين.
وأما الاستعانة عليهم بما يقال ويكتب مما لا يعرف معناه؛ فلا يشرع، لا سيما إن كان فيه شرك؛ فإن ذلك محرم، وعامة ما يقوله أهل العزائم فيه شرك، وقد يقرؤون مع ذلك شيئا من القرآن ويظهرونه، ويكتمون ما يقولونه من الشرك، وفي الاستشفاء بما شرعه الله ورسوله ما يغني عن الشرك وأهله.
والمسلمون وإن تنازعوا في جواز التداوي بالمحرمات كالميتة والخنزير؛ فلا يتنازعون في أن الكفر والشرك لا يجوز التداوي به بحال؛ لأن ذلك محرم في كل حال، وليس هذا كالتكلم به عند الإكراه؛ فإن ذلك إنما يجوز إذا كان
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»