فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة * وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم الوجه الرابع، قوله وأما التوسل به عليه الصلاة والسلام في عرصات القيامة فمما قام عليه الإجماع ووردت به الأخبار في حديث الشفاعة ولم يذكر أن هذا الإجماع ممن فيوهم أنه من الأمة كلها وليس كذلك فإن الشفاعة والتوسل به ينكرها المعتزلة والخوارج كما ذكر ذلك العلماء منهم ابن تيمية في الفتاوى وغيرها ومنهم النووي والقاضي عياض في شرح صحيح مسلم وأيضا تقديم الإجماع على النص فيه إساءة أدب فإن مستند الإجماع لا بد أن يكون إلى نص فتقديم النص لازم ثم ذكر أن ذلك في حديث الشفاعة فلم يعزه إلى المخرج له وهو في الصحيحين وسائر كتب الحديث.
الوجه الخامس، قوله وأنت تعلم أن التوسل به صلى الله عليه وسلم يؤول إلى التوسل بجاهه عند الله ونحو ذلك لا بالذات البحت فإن التوسل بذلك غير معقول عند ذوي العقول. أقول، لا يخفى ما في هذه العبارة من المؤاخذة.
الأول، إن النص عام ليس فيه هذا التأويل فإن حديث الأعمى فيه اللهم إني أسئلك وأتوسل إليك بنبيك فذكر أن التوسل بنفس النبي صلى الله عليه وسلم ومن قال المراد به الجاه فعليه البيان. الثاني، إن أهل الحديث والأخبار والسير ذكروا أن قريشا قحطوا والنبي صلى الله عليه وسلم رضيع فاستسقى به عبد المطلب بأن رفعه بيده فسقاهم الله. الثالث، وقد ورد عن الصحابة في أحاديث صحيحة كما في البخاري وغيره أنهم كانوا يستشفعون بشعره وبعرقه وببردته وآثاره وهي جمادات وذوات بحيث لا يتصور فيها الجاه بل ورد أن بعضهم توسل بدمه فشربه وبعضهم ببوله فشربه فأخبرهم أن النار لا تلج بطونهم وأخذ العلماء طهارة فضلاته وأعظم من ذلك وأوضح دلالة ما ذكره الفقهاء في باب الاستسقاء من إخراج البهائم والحيوانات في الاستسقاء للتوسل بها إلى الله تعالى وليس لها جاه عند الله فهي ذوات بحت وفي الحديث الصحيح، لولا البهائم الرتع والصبيان الرضع والشيوخ الركع لصب عليكم العذاب صبا فجعل ذوات هذه الأشياء وسائل مانعة من صب العذاب وليس لهم عند الله جاه كما لا يخفى أن ذات نبينا صلى الله عليه وسلم قد ورد أنها خلقت من نوره تعالى كما في حديث جابر بل ذكر ابن الجوزي في الوفاء أن الصحابة أصابهم قحط فشكوا ذلك إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقالت انظروا قبر النبي صلى الله عليه