أعمال الأحياء تعرض على الموتى من أقاربهم وغيرهم كل يوم فإن رأوا خيرا حمدوا الله واستبشروا وإن رأوا شرا قالوا اللهم راجع بهم اللهم اهدهم فيستجيب الله دعائهم فيحصل من ذلك رفع الأذى بسببهم ونبينا صلى الله عليه وسلم له في قبره الاستغفار لأمته والدعاء والشفاعة لهم ورأيت لابن القيم عبارة لطيفة في هذا المقام منقولة في خطه قال فصل في وقوع الشفاعة في الدنيا والبرزخ والدار الآخرة لما كان النبي صلى الله عليه وسلم رحمة مهداء من الله لعباده كما قال صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة قال تعالى وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وكان له عند الله من الجاه ما ليس لمخلوق سواه فقد أخبر الله تعالى عن كليمه موسى عليه السلام أنه وجيه عند ربه والوجيه ذو الجاه والوجاهة فما الظن بوجاهة سيد المرسلين وجاهه عند الله فاقتضى جاهه وكونه رحمة من الله أهداها لعباده إن كان له من مقامات الشفاعة عند ربه ما ليس لأحد سواه في الدور الثلاثة أعني في دار الدنيا ودار البرزخ ودار الآخرة فأما شفاعته في دار الدنيا فكم سأل الله تعالى لأمته عموما وخصوصا من نعم ودفع بلاء فأعطاه فسأل الله لهم أن لا يهلكهم بسنة عامة أي جدب عام وهو القحط فأعطي ذلك وسأله أن لا يجمعهم على ضلالة فأعطي ذلك وسأله لأمته غير ذلك حتى أرسل الله إليه جبريل وقال له أنا أسترضيك في أمتك ولا نسؤك وسأل الله للأوس أن يهديهم ويأتي بهم ففعل وسأل لهم أن يسقيهم لما أجدبوا فأجابه وسقاهم وسأل لأنس خادمه ولعبد الرحمن بن عوف ولأبي هريرة وأمه ولسعد بن أبي وقاص ولا بن عباس ولأم حرام بنت ملحان ولعروة بن الجعد البارقي وللنابغة الذبياني والخلق سواهم من الصحابة وكم له شفاعة فيهم عموما وخصوصا أقر الله بها عينية وأراه إياها وأما الشفاعة في دار البرزخ فما لا شك فيه ولا يحتاج أن يأتي على ذلك بشاهد معين بل الأمة أحوج إلى شفاعته في البرزخ منهم في دار الدنيا وإذا كان المسلمون إذا عرض عليهم أعمال أقاربهم الأحياء فرأوا خيرا حمدوا الله وإذا رأوا شرا قالوا اللهم راجع بهم فهذه شفاعة منهم لا خوانهم فما الظن بسيد الشفعاء وقد ورد في حديث أن أعمال الأمة تعرض عليه كل اثنين وخميس فإذا رأى سيئاتها سأل الله لها المغفرة ومن له نصيب من علم أحكام الأزواج بعد الموت والتقائها إلى أهلها وأقاربها وأصحابها واعتنائها بهم وكانت روحه صافية متطلعة على أحكام دار البرزخ وارتباطها في الدارين قبلها وبعدها
(١٧)