الرد على الآلوسي - داود النقشبندي الخالدي - الصفحة ٥
مستدلين به على طلب الحاجة منه صلى الله عليه وسلم في مغيبه وبعد وفاته وندائه صلى الله عليه وسلم وذكروا ذلك في الدعوات تعليما للأمة ونصحا لهم في الطلب منه والسؤال له مستدلين بقوله يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي لتقضى حاجتي وسيأتي لهذا البحث مزيد كلام.
الوجه الثالث، قوله وأما التوسل به في البرزخ فقد كثر من أكابر الأمة كالبوصيري والقسطلاني وخلق كثير في حوائج مهمة فنجزت.
أقول، لا يخفى إن هذا ليس بدليل نافع بمقام الحجاج لأنه لم يستند إلى نص يعتمد عليه فيفهم منه أن المتوسلين به لا حجة لهم الأعمل البوصيري والقسطلاني وفي ذلك من إخفاء الحق ما لا يخفى فإن حجة المتوسلين به في البرزخ هو حديث ابن حنيف من رواية الطبراني والبيهقي وهو حديث صحيح كما قاله الطبراني واستدل به العلماء من المحدثين والفقهاء كما تقدم والنص الصريح الدال على التشريع وأنه لا يختص به حال حضوره وحياته قوله صلى الله عليه وسلم للأعمى وإن كان لك حاجة فمثل ذلك وفي التوسل به في البرزخ آثار صحيحة عن الصحابة والتابعين كحديث البيهقي وأبي شيبة بسند صحيح في زمن عمر بن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال ائت عمر واقرأه السلام وقل له يستسقي بالناس وأخبره أنهم مسقون إلى آخر الحديث ذكره ابن تيمية في الفتاوى في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم قال وما روي أن رجلا جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فشكى إليه القحط عام الرمادة فأمره أن يأتي عمر الحديث فمثل هذا يقع لمن هو دون النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخر كلامه وغير ذلك من الأحاديث والآثار الدالة على الطلب منه صلى الله عليه وسلم بعد موته وأطبق الفقهاء من المذاهب الأربعة على التوسل به في زيارته مستدلين بأثر العتبي وسيأتي الكلام على ذلك ففي اقتصاره على البوصيري والقسطلاني قصور لم يقل به أحد غيره وكأنه تنكيت على علماء الأمة الناصين على التوسل والطلب منه بعد موته روحي فداه بأنه لم يكن لهم دليل إلا قول هذين الرجلين وأمثالهما وإن هذين الرجلين العالمين لم يكن لهما دليل سوى أنهما توسلا به صلى الله عليه وسلم في حوائج كثيرة فنجزن.
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»