أعضائنا هذه في شئ فرارا من مشكلة التشبيه، وبديهة أن اليد ظاهرة في هذا العضو المعروف، وهو لا ينفك عن المادة بحال، وكذلك العين والسمع، وما إليهما، فإن أبقينا اللفظ على ظاهره يلزم أن يكون الله جسما، كسائر الأجسام، وهم لا يلتزمون به، وإن صرفناه إلى غير هذه اليد والعين والسمع يلزم التأويل، وقد فروا منه، وإن حملناه على معنى مجهول عند السامع والمخاطب، وذلك بأن تكون له يد لا كالأيدي، وعين لا كالأعين على حد تعبيرهم وقعوا في التعسف، وهو أشد سوء من التأويل، وبكلمة إن أبقوا اللفظ على ظاهره جاءت مشكلة التجسيم، وإن حملوه على معنة مجهول جاء التعسف..
فتعين تأويل اللفظ تأويلا معقولا بحمله على معنى يتلاءم مع جلال الله وعظمته على أن تتحمله الصورة اللفظية، ولا يأباه الذوق السليم، كحمل اليد على القدرة، لأنها مظهر لها، والسمع والبصر على العلم، لأنهما سبيلان إليه، وحمل الوجه على الظهور، لأنه المعنى البارز، والاستواء على الاستيلاء، ورؤية الله على رؤيته بالبصيرة لا بالبصر، لأن كلا منهما طريق إلى المعرفة، إلى آخر ما ذكره المفسرون وعلماء المعاني والبيان.
تذكرت الآن ما نقل عن بعض المستشرقين من أنه ترجم اللباس " بالبنطلون " في قوله تعالى: " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ".