ونهاهم عن المعصية ".
وقد حالت كثيرا، وفكرت أكثر لأفهم وأهضم هذا الكلام فلم أستطع له فهما ولا هضما لمكان التناقض والتضارب، فإن كلام ابن تيمية ظاهر في أن الله خالق أفعال الإنسان، وغير خالقها، والإنسان موجود لأفعاله، وغير موجدها اللهم إلا أن يقال: إنهما اشتركا في الخلق والإيجاد، وحينئذ يأتي إشكال أن أحد الشركين إذا كان أقوى من الآخرين قبح أن يعاقب الضعيف فيما اشتركا فيه.
والحق في هذه المسألة التي شغلت الأولين والآخرين ما قاله الإمام جعفر الصادق، وعبر عنه بقوله: " لا جبر ولا تفويض، وإنما أمر بين الأمرين " ويتلخص معنى هذه الجملة الكبيرة في معناها، الصغيرة في مبناها أن الله سبحانه أقدر العبد على فعل الخير والشر، ثم أمره بالأول، ونهاه عن الثاني، فإن اختار العبد فعل الخير، وآثره على الشر ينسب فعله هذا إلى الله، لأنه رضي به، وأيضا ينسب إلى العبد، لأنه آثره على الشر، وترك المعصية مع قدرتها عليها، أما إن اختار العبد فعل الشر، وفضله على الخير فينسب إليه وحده، لأنه قد ترك الخير مع قدرته على فعله، وفعل الشر مع قدرته على تركه، ولا ينسب إلى الله، لأنه نهى عنه، ولم يرض به بحال، وعليه يكون الخير من الله والعبد، أما الشر فمن العبد وحده.
وإن قال قائل: لماذا أقدر الله عبده على الشر ما دام لا