والخطأ والنسيان والإكراه عذر تحقن معه الدماء، وتحفظ الأرواح، وإن من خالف بسبب من هذه الأسباب لا يكون كافرا ولا مرتدا، حتى ولو حصل منه ذلك عن تفريط وتقصير فيما يعود إلى الفروع، وإن كان آثما، لترك التحفظ، وما وجب عليه من البحث والاحتراز، بل حتى لو ثبت الحكم الفرعي بدليل قاطع وإجماع جامع، وعلم بضرورة الدين والمذهب، إذا كان الجهل والالتباس ممكنا في حقه، وجائزا على مثله، ومن هنا كان علماء المسلمين، وما زالوا يختلفون، ويخطئ بعضهم بعضا بدون تفكير، وإن منهم من خالف المذاهب الأربعة مجتمعة، ومع ذلك لم يكفره أحد.
بل كل فرقة من فرق المسلمين التي بلغت ثلاثة وسبعين، كما جاء في الحديث، أن كل واحدة من هذه الفرق تدعي أنها هي الناجية دون غيرها، وأن الاثنتين والسبعين هالكة غدا قضها وقضيضها إلا هي، ومع ذلك لم تحكم عليها بالكفر، ولم تبح قطرة واحدة من دمائها، أو تستحل عقالا من مالها، ما دامت تقول: لا إله إلا الله محمد سول الله غير معاندة، ولا جاحدة لما ثبت عندها، ولم تقم لديها الحجة بصدوده عن الرسول الأعظم، وبهذا يتبين أن أمة محمد مجمعة على أن الارتداد لا يتحقق، ولن يتحقق إلا ممن أيقن وتيقن بصدور الحكم عن صاحب الشرع، ثم جحده عنادا أو وتعصبا.
أما من رأي المحرم مباحا لشبهة، ولو ضعيفة، دخلت