ما قوى من عزيمة الوهابيين على الهدم، ومحاولة الاعفاء على الرسم، وإن تصوروا، وخيل إليهم أن الدافع والمحرك الأول هو الإخلاص للوحدانية، والقضاء على الوثنية.
وتقول: إن الوهابية تدين بعدم البناء على القبور منذ وجودها، حيث لا ذهب أسود، ولا أبيض، ولا فولاذ ولا زنك ولا حديد.
قلت: هذا صحيح، وصحيح أيضا أن من يستأثر على الناس بما تحتاج إليه هو وعد طبيعي لمن لا يرى لنفسه شيئا تحتاجه الناس، أراد ذلك، أو لم يرد.
ومهما يكن، فإن استطاع الوهابيون أن يزيلوا الأحجار عن قبور الأئمة الأطهار، فإنهم أضعف من أن يزيلوا ذرة من الحب والولاء للرسول وآله، أو يمحوا كلمة واحدة من كلامهم، وحكما من أحكامهم، فلقد دلتنا التجارب المتتالية عبر التاريخ إن عظمة الآل ترتبط بإرادة الله، لأنه هو الذي اصطفاهم واختارهم للعظمة، ولا راد لما اختار وأراد، فلقد فعل يزيد الأموي، والمتوكل العباسي وغيرهما ما فعل الوهابيون، وكانت النتيجة أن اقترن اسم الآل بالتقديس والصلوات، واسم أعدائهم بالتحقير واللعنات إلى يوم يبعثون.
وقد سمعت بأذني هذه اللعنات، وأنا في البقيع، وسمعها شرطة الوهابية تنطلق من أعماق القلوب كأنها الصواريخ تنقض على رأس من ظلم وهدم.