فبالتفضل (1). ومهما يكن، فإن النتيجة واحدة، وهي شمول الرحمة للجميع، ولكن يبقى إشكال حج الناقة قائما. صور من الحج شاهدت في الحج صورا تركت في نفسي أعمق الأثر، ولا أشك أن ما فاتني منها أكثر وأبلغ في شكلها وموضوعها.. شاهدت رجلا طاعنا في السن، يهتز من قرنه إلى قدمه، واللعاب يسيل من فمه، والمخاط يتقاطر من أنفه، يقوده شاب، لم يبلغ الثلاثين، أو لم يتجاوزها، يطوف به حول البيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ويخدمه بإخلاص، ويبذل الجهد لمرضاته وراحته. قلت للشاب: من أين؟ قال: من العراق. قلت:
وهكذا من يكون؟. قال: أبي. قلت: وفقك الله. قال: الحمد لله الذي وفقني لإداء حقه، وأسعدني بخدمته.
وشاهدت آخر يحمل والدته على منكبيه، وقد تدلت رجلاها على صدوره، وهو ممسك بيديها، يطوف بها، ويسعى، وقد تبعته في الطواف والمسعى، وكنت أتصور، وأنا أنظر إليه، أنه يرى نفسه أسعد من كان ويكون في هذه اللحظات لأنه ضمن له مكانا عظيما في جنة الخلد