هذي هي الوهابية - محمد جواد مغنية - الصفحة ١٧
يا رب للناس كلهم.. أي وحقه أنه يرحم الناس، كل الناس الذين يقفون على بابه يرجون فضله وإحسانه. مع الطائفين العاكفين:
مكثت بمكة 19 يوما، وكنت أذهب مساء كل يوم إلى الحرم، ما عدا اليوم التاسع مع ذي الحجة، فإذا رأيت جماعة مقبلين على البيت للطواف خلطت بهم نفسي، وفعلت ما يفعلون، ورددت ما يقولون، وكنت أتقصد الاختلاط بالأفريقيين السود، لما لمسته فيهم من الصفاء والإخلاص وأحسسته معهم من التوجه والانقطاع. وقد طفت مرات، ولكن لم تهتز مشاعري للدرجة التي كانت تهتز، وأنا أطوف مع هؤلاء السود.
وذات مساء رأيت حزمة من اليمنيين قد تلاصقوا، وأخذ بعضهم بعضد بعض، واندفعوا كالسيل لا يلوون على شئ، فوضعت يدي بعنق الأخير منهم، فلم يلتفت إلي، وأخذت أطوف معهم، وأركض وأقفز. كما يركضون ويقفزون، وأردد معهم: " حج حج يا حاج حج ".
وقصدت المسعى في ذات يوم، فحسبت أن جبالا من البشرية تسير ذاهبة آيبة بين الصفا والمروة، وأن الأرض ترتفع بهم إلى أسماء، إلى جنة المأوى، وأن ملائكة الرحمة تتلقاهم بالبشر والترحاب تناديهم أن تلكم الجنة تعلمون أورثتموها بما كنتم.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»