التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٦٧
وأصل الشئ غير ذلك الشئ فأصل العبادة غير العبادة، فليس هذا تعريفا للعبادة، وقوله: (والعبادة إذا أفردت دخل فيها التوكل ونحوه وإذا قرنت بالتوكل صار التوكل قسيما لها) فاسد من ثلاثة أوجه:
الأول: التوكل محله القلب وهو من التوحيد ومن أعلى مقامات اليقين وأشرف أحوال المقربين، فإذا أكرم الله به عبدا وتحقق به فأخذه بالأسباب لا ينافيه، والعبادة وإن ارتكزت باعتبار ثمرتها وقبولها عند الله عز وجل على الإخلاص فيها، والإخلاص محله القلب أيضا فهي باعتبار حقيقتها التكاليف الشرعية الظاهرة، لأنها فعل المكلف على خلاف هوى نفسه تعظيما لربه، أو امتثال أمر الله كما أمر على الوجه المأمور من أجل أنه أمر مع المبادرة بغاية الحب والخضوع والتعظيم لله، والإخلاص شرط في سائر العبادات، وحقيقته سلامته من وصفين: الرياء والهوى، والإخلاص في التوحيد يضاده التشريك في الإلهية، وهو وضده يتواردان على القلب فهو محلهما.
الثاني: يلزم من دخول التوكل فيها، إذا أفردت، أن يكون قسما منها مندرجا فيها كاندراج الاسم تحت الكلمة فإنه قسم منها وأخص منها.
الثالث: يلزم من كونه قسيما لها إذا قرنت به أن يكون مقابلا لها، لأن قسيم الشئ هو ما يكون مقابلا للشئ ومندرجا معه تحت شئ آخر، كالاسم فإنه مقابل للفعل ومندرج معه تحت الكلمة التي هي أعم منهما، فتحقق من طرفي كلامه أن التوكل جزاء داخل تحت كل لا محالة فإن كان داخلا في العبادة فهي كل له، وإن كان قسيما لها فهو معها داخلان في توحيد الألوهية الذي اخترعه، فهو كل لهما، فقد حاول بهذا الكلام تعريف العبادة فأخطأه، ووقع وهو لا يشعر في علم المنطق الذي ذمه وحرمه.
وقوله في الثاني: (العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة) هراء، ليس بتعريف للعبادة أيضا وفساد قوله: (من
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»