وكافي اتباعك فلا يحتاجون معه إلى أحد، وهنا تقديران أحدهما أن تكون الواو عاطفة لمن على الكاف المجرورة ويجوز العطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار على المذهب المختار وشواهده كثيرة وشبه المنع منه واهية.
والثاني أن تكون الواو واو مع وتكون من في محل نصب عطفا على الموضع فإن حسبك في معنى كافيك، أي الله يكفيك ويكفي من اتبعك كما تقول العرب: حسبك وزيدا درهم، قال الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا * فحسبك والضحاك سيف مهند وهذا أصح التقديرين، وفيها تقدير ثالث أن تكون من في موضع رفع بالابتداء، أي ومن اتبعك من المؤمنين فحسبهم الله، وفيها تقدير رابع وهو خطأ من جهة المعنى، وهو أن يكون من في موضع رفع عطفا على اسم الله، ويكون المعنى حسبك الله واتباعك وهذا وإن قال به بعض الناس فهو خطأ محض لا يجوز حمل الآية عليه، فإن الحسب والكفاية لله وحده كالتوكل والتقوى والعبادة.
قال الله تعالى: (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين)، ففرق بين الحسب والتأييد فجعل الحسب له وحده وجعل التأييد بنصره وبعباده، وأثنى الله سبحانه على أهل التوحيد والتوكل من عباده، حيث أفردوه بالحسب فقال تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)، ولم يقولوا حسبنا الله ورسوله.
فإذا كان هذا قولهم ومدح الرب تعالى لهم بذلك، فكيف يقول لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم الله وأتباعك حسبك، وأتباعه قد أفردوا الرب تعالى بالحسب ولم يشركوا بينه وبين رسوله فيه؟، فكيف يشرك بينهم وبينه في حسب رسوله؟، هذا من أمحل المحال وأبطل الباطل.
ونظير هذا قوله تعالى: (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا