وقد قال الشيخ (رحمه الله) بقبول الرواية من فاسد المذهب، حيث اكتفى في الرواية بكون الراوي ثقة متحرزا عن الكذب وإن كان فاسقا في الجوارح، محتجا بعمل الطايفة برواية مثله (1). ولا يخفى أنه ليس على إطلاقه.
والضبط: أعني كون الراوي حافظا، فطنا، واعيا، متحرزا عن التحريف والغلط، فإن من لا ضبط له قد يغلب عليه السهو في كيفية النقل ونحوها.
وقيل: المراد بالضابط من لا يكون سهوه أكثر من ذكره (2). وهذا القيد لم يذكره المتأخرون روح الله أرواحهم. واعتذر الشهيد الثاني نور الله مرقده عن عدم تعرضهم لذكره بأن قيد العدالة مغن عنه، لأنها تمنعه أن يروي ما ليس مضبوطا عنده على الوجه المعتبر (3).
واعترض عليه بأن العدالة إنما تمنع من تعمد نقل غير المضبوط عنده، لا من نقل ما يسهو عن كونه مضبوطا فيظنه منضبطا (4).
والحق أن العدالة لا تغني عن الضبط لأن من كثر سهوه فربما يسهو عن أنه كثير السهو فيشكل الأمر. وما أحسن ما قال العلامة - أعلى الله مقامه - في النهاية:
إن الضبط من أعظم الشرائط في الرواية، فإن من لا ضبط له قد يسهو عن بعض الحديث ويكون مما تتم به فائدته ويختلف الحكم به، أو يسهو فيزيد في الحديث ما يضطرب به معناه، أو يبدل لفظا بآخر، ويروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ويسهو عن الواسطة، أو يروي عن شخص فيسهو عنه ويروي عن آخر (5).
انتهى كلامه، زيد إكرامه.
وأما النذرة من السهو فلا بأس، لعدم السلامة منه إلا للمعصوم، فالتكليف بزواله