إذا فنيت مدتها وأعتقبتها الأخرى التي هي دار الجزاء انقطع العمل هذا لفظ القاضي عياض فإذا كان القاضي عياض يقول إنهم يحجون بأجسادهم ويفارقون قبورهم فكيف يستنكر مفارقة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لقبره فإن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إذا كان حاجا وإذا كان مصليا وإذا كان يسرى به بجسده إلى السماء فليس مدفونا في القبر انتهى فحصل من مجموع هذه النقول والأحاديث أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حي بجسده وروحه وأنه يتصرف ويسير حيث شاء في أقطار الأرض وفي الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته لم يتبدل منه شئ وأنه مغيب عن الأبصار كما غيبت الملائكة مع كونهم أحياء بأجسادهم فإذا أراد الله رفع الحجاب عمن أراد إكرامه برؤيته رآه على هيئته التي هو عليها لا مانع من ذلك ولا داعي إلى التخصيص برؤية المثال الثالث سئل بعضهم كيف يراه الراؤن المتعددون في أقطار متعددة فأنشره كالشمس في كبد السماء وضوؤها يغشي البلاد مشارقا ومغاربا وفي مناقب الشيخ تاج الدين بن عطاء الله من بعض تلامذته قال حججت فلما كنت في الطواف رأيت الشيخ تاج الدين في الطواف فنويت أن أسلم عليه إذا فرغ من طوفه فلما فرغ من الطواف جئته فلم أره ثم رأيته في عمرته كذلك وفي ساير مسادره؟؟؟ كذلك فلما رجعت إلى القاهرة سألت عن الشيخ فقيل لي طيب فقلت هل سافر قالوا لا فجئت إلى الشيخ وسلمت عليه فقال لي من رأيت فقلت يا سيدي رأيتك فقال يا فلان الرجل الكبير يملأ الكون لو دعي القطب من حجر لأجاب فإذا كان القطب يملأ الكون وسيد المرسلين صلى الله تعالى عليه وسلم من باب أولى وقد تقدم عن الشيخ أبي العباس الظنجي أنه قال وأرى بالسماء والأرض والعرش والكرسي مملوءة من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال قائل يلزم على هذا أن يثبت الصحبة لمن رآه والجواب أن ذلك ليس بلازم أما إن قلنا أن المرئي المثال فواضح لأن الصحبة إنما تثبت برؤية ذاته
(١٨)