أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمد خالد - الصفحة ٨٦
فابن زياد هكذا، بكل طغيانه، وقسوته، وإجرامه، يخالف أن يدخل الكوفة سافرا منظورا، فيدخلها متنكرا، ومخفيا سحنته ووجهه وراء لثام وقناع..!
ومن المفارقات الباسمة، أن أهل الكوفة الذين كانوا ينتظرون مقدم (الحسين) على شوق، لم يكادوا يرون قافلة ابن زياد، حتى حسبوها موكب (الحسين) فراحوا يفسحون له الطريق هاتفين:
(مرحبا بابن رسول الله.. قدمت خير مقدم)..!!
ولئن كانت هذه الحفاوة بالحسين قد ملأت بالحسين قد ملأت نفس ابن زياد مرارة وحقدا، إلا أنها ألقت على قلبه الجبان كثيرا من الأمن، إذ اطمأن أنهم لم يعرفوه، وبالتالي لن يصلوا إليه بسوء.
وحين بلغ دار الإمارة واحتمى بشرطتها وحرسها، راح ينصب شباكه ليقتنص رسول الحسين وابن عمه (مسلم بن عقيل) الذي كان يمارس نشاطه الجليل في همة موفقة وناجحة.
* * * كان عزل (النعمان بن بشير) عن الكوفة، وتولية ابن زياد مكانه نذيرا رهيبا لمسلم بن عقيل.. فبعد أن كان يجتمع بالناس في غير تحرج ولا تخوف، راح يغير مقرة، فينتقل إلى دار أخرى، ويحيط نشاطه بكتمان كبير.
كانت الدار الجديدة التي انتقل إليها هي دار (هانئ بن عروة) من صفوة أهل الكوفة وأشرافهم.
وكان ابن زياد قد اصطحب معه من البصرة بعض صفوتها وزعمائها، ومن بينهم (شريك بن الأعور).. وكان (شريك) شيعيا يكتم إيمانه وولاءه، كذلك كان صديقا ل‍ (هانئ بن عروة) الذي يتخفى (مسلم بن عقيل) في داره...
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست