فاختار واحدا من مواليه، واسمه - معقل التميمي - وأعطاه صرة بها ثلاثة آلاف درهم، وأمره أن يجوب خلال الكوفة، مجردا من نفسه شخصا غير شخصه.. زاعما ومتظاهرا بأنه واحد من شيعة (الحسين) يريد أن يأخذ مكانه بين صفوف أنصاره، ويريد أن يسهم بما معه من مال في شراء سلاح لأولئك الأنصار!!
وبعد طوال تطواف، وطول تعسس، اهتدى الجاسوس إلى ضالته المنشودة، فقد تعرف إلى رجل صالح من أصحاب (مسلم) قاده أخيرا إلى مكانه ومقره..
وأتقن الخبيث دوره حتى خدعوا به جميعا، وأصبح أثيرا لديهم، يزور (مسلما) كل يوم حيث يقضي معه النهار كله... ثم يقضي الليل بأجمعه مع ابن زياد، ناقلا إليه الأخبار والأسرار..!!
وحين تمكن ابن زياد من قنصه الثمين، أرسل في طلب (هانئ) وفاجأه قائلا: (إيه يا هانئ بن عروة، ما هذا الأمور التي تحاك في دارك لأمير المؤمنين (!!)، جئت بمسلم بن عقيل وأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال، وظننت أن ذلك يخفى علي)...
كانت المفاجأة أليمة الوقع على هانئ.. فرأى أن يخادع ابن زياد بالإنكار ريثما يستعد لمجابهته التي أصبحت فوريتها محتومة..
لكن ابن زياد أذهله بمفاجأته الثانية، فدعا جاسوسه - معقلا - الذي انتصب أمام (هانئ) كليل الشتاء طويلا باردا وسأله بن زياد أتعرف هذا؟ وسقط في يد هانئ وأدرك كل شئ.. وسرعان ما سيطرت رجولته على الموقف في لحظة، وصاح بابن زياد:
(أجل أعرفه..
وإن (مسلما) في داري، وهو ضيفي:
ولن أسلمه أبدا)!!