والمنذر بن الجارود..
سلام الله عليكم..
أما بعد، فإني أدعوكم إلى إحياء معالم الحق، وإماتة البدعة والباطل، فإن تجيبوا تهتدوا سبل الرشاد).
إن رسالة (الحسين) إلى أهل البصرة، ترينا كيف كان يعرف مسئوليته ويمضي معها.. فأهل البصرة لم يكتبوا إليه ولم يدعوه إلى بلدهم كما فعل أهل الكوفة.. ومع هذا فهو يكتب إليهم ويعدهم للمجابهة المحتومة - ذلك أنه قرر أن ينهض بتبعات دينه وأمته، كان قراره هذا آتيا من أعماق روحه وضميره، وليس من حركة أهل الكوفة ودعوتهم إياه..
لم يكد مبعوثه (سليمان) يصل البصرة، ويسلم رسالته لزعمائها، حتى سارع أحدهم وهو المنذر بن الجارود إلى ابن زياد حيث أفشى له سرها وأطلعه عليها... وألقى ابن زياد القبض على (رسول الحسين) وفي وحشية تليق به، قام بقتله وصلبه.. ثم تهيأ للسفر إلى الكوفة، ليباشر مهمته المجرمة هناك.!!
وقبل رحيله، دعا أهل البصرة إلى اجتماع عام خطبهم فيه فقال:
(يا أهل البصرة.. إن أمير المؤمنين يزيد!! قد ولاني مع البصرة والكوفة، وإني سائر إليها. وقد خلفت عليكم أخي عثمان بن زياد..
فإياكم والخلاف والإرجاف.. فوالله لئن بلغني عن أحد أنه خالف أو أرجف، فلأقتلنه ووليه، ولآخذن الأدنى بالأقصى.. والبرئ بالمذنب، حتى تستقيموا - أنا ابن زياد.. وقد أعذر من أنذر)..!!
هكذا تحدث إلى الناس بالبصرة حديث الطاغية.. على أن التجربة تعلمنا أنه ليس هناك أجبن من الطغاة.. وأن ما يتظاهرون به من بأس شرس وشجاعة زائفة، إنما يستمدونها مما يمسكون بأيديهم من سلطان..!!