شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٣٦
وكل من اعترف بأن الرب تعالى لم يزل قادرا على الفعل لزمه أحد أمرين لا بد له منهما اما أن يقول بأن الفعل لم يزل ممكنا واما أن يقول لم يزل واقعا والا تناقض تناقضا بينا حيث زعم أن الرب تعالى لم يزل قادرا على الفعل والفعل محال ممتنع لذاته لو اراده لم يمكن وجوده بل فرض ارادته عنده محال وهو مقدور له وهذا قول ينقض بعضه بعضا والمقصود أن الذي دل عليه الشرع والعقل أن كل ما سوى الله تعالى محدث كائن بعد أن لم يكن أما كون الرب تعالى لم يزل معطلا عن الفعل ثم فعل فليس في الشرع ولا في العقل ما يثبته بل كلاهما يدل على نقيضه وقد أورد أبو المعالي في ارشاده وغيره من النظار على التسلسل في الماضي فقالوا انك لو قلت لا أعطيك درهما الا أعطيك بعده درهما كان هذا ممكنا ولو قلت لا أعطيك درهما حتى أعطيك قبله درهما كان هذا ممتنعا وهذا التمثيل والموازنة غير صحيحة بل الموازنة الصحيحة أن تقول ما أعطيتك درهما الا أعطيتك قبله درهما فتجعل ماضيا قبل ماض كما جعلت هناك مستقبلا بعد مستقبل واما قول القائل لا أعطيك حتى أعطيك قبله فهو نفي للمستقبل حتى يحصل في المستقبل ويكون قبله فقد نفى المستقبل حتى يوجد المستقبل وهذا ممتنع أما نفي الماضي حتى يكون قبله ماض فان هذا ممكن والعطاء المستقبل ابتداؤه من المستقبل والمعطي الذي له ابتداء وانتهاء لا يكون قبله ما لا نهاية له فان ما لا نهاية له فيما يتناهى ممتنع
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»